المخرج السينمائي بازوليني في محاضرة للباحث نزيه بدور في ثقافي حمص

07 شباط 2015

.

سلط الناقد السينمائي الدكتور نزيه بدور الضوء على الأعمال السينمائية للمخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني مع شرح واسع لفيلمه «ميديا» في محاضرة ألقاها مساء أمس الأول في المركز الثقافي بحمص بعنوان «العاديات في عيون السينما» بيير باولو بازوليني في قلعة حلب.

وقدم الباحث بدور شرحاً مفصلاً عن قصة فيلم «ميديا» الذي لعبت دور البطولة فيه مغنية الأوبرا الشهيرة ماريا كالاس وجرى تصوير مشاهد عديدة منه في قلعة حلب ويتناول أسطورة إغريقية.

وبين الباحث بدور أن ميديا ابنة اتيس ملك كولخيس ظهرت في كم وافر من الأعمال الأدبية الإغريقية وكانت القصة الأصلية على الأغلب موجودة في قصيدة ملحمية نسبت لبرودسيسكوس وهي بطلة تراجيديات يوريبدس.

ثم قدم الناقد السينمائي إضاءة على شخصية مغنية الأوبرا الأميركية ماريا كالاس التي ولدت في نيويورك لوالدين يونانيين وعندما بلغت الثالثة عشرة من عمرها انتقلت مع والديها إلى أثينا حيث أنهت دراستها الأكاديمية الموسيقية وقامت بإكمال دراستها العليا في نيويورك.

وانتقل الباحث في تاريخ الفن وعلم الجمال للحديث عن السيرة الإبداعية للمخرج بازوليني والنهاية المأساوية له كمثقف مبدع حيث تم اغتياله سياسياً عام 1975على خلفية أعماله السينمائية الجريئة خاصة فيلمه الأخير «سالو» الذي سخر فيه من السلطة الإيطالية ورموزها الفاشية المتمثلة بشخصيات السياسي ورجل الدين والقاضي والرأسمالي الذين عملوا على تحويل البشر إلى مجرد آلات وفق اهداف وهمية لا يدركها إلا هذه الشخصيات.

وأوضح بدور عضو جمعية العاديات أن بازوليني عبر عن ابداعاته في أشكال عديدة في السينما والشعر والرواية والنقد والرسم وكان على خلاف مع العديد من المفكرين الذين وقفوا ضده وحاربوه ولم يكن بالمفكر المنظر والمجرد بل كان يكتب من خلال تجربة وجودية مباشرة ملموسة دراماتيكية جسدية عبر أفلام أثارت ضجة لجرأتها اجتماعياً وسياسياً ودينياً ورسخت اسمه في طليعة جيل ما بعد المخرج الأشهر «فلليني».

ولفت الباحث بدور إلى أن أعمال بازوليني السينمائية في فترة سبعينيات القرن الماضي وأبرزها «طيور قبيحة» و«طيور صغيرة» و«أوديب ملكاً» تزامنت مع اصداراته الشعرية وروايتيه الشهيرتين «حياة قاسية» و«أطفال الحياة».

وبين المحاضر بعد أن عرض لقطات مميزة من فيلم ميديا خلال المحاضرة أن بازوليني يميل في أغلب أفلامه إلى استخدام لون الأرض الأقرب للون بشرة الجسد الإنساني لذلك لا يخلو أي فيلم من أفلامه من استعراض للبيوت الطينية والتي تظهر وكأنها امتداد للأرض والإنسان الذي هو جزء من هذه الأرض.

ووجد أن بازوليني يحرص في معظم افلامه على استخدام اللقطات الطويلة ولقطات بانورامية للوجوه والمباني وهذا الاستخدام يأتي لخلق أسلوب فني تشكيلي مدهش كما انه حرص على التنوع في الملابس واستخدام قبعات وأقنعة غريبة كما في افلامه عن المسيح وميديا وأوديب وليالي عربية وغيرها مبيناً أن المخرج الايطالي يعشق الشرق لتراثه اللوني لذلك صور معظم افلامه فيه مثل سورية واليمن والهند وايران والمغرب العربي.

وقال بدور.. «إن بازوليني يغوص بنا في أفلامه إلى عالم مفزع أو حالم بطرق ذكية وغير مباشرة كونه يعتمد اسلوباً فريداً هو الجدل ويجعل شخصياته هي من يرى الأشياء ونحن نرى الأشياء والطبيعة والأحداث من وجهة نظر هذه الشخصيات ويتعمد أحياناً التشويش على رؤيتنا للأحداث بالتصوير ضد الشمس وجعل ضوئها يقهر عدسة الكاميرا كما في مشهد قتل اوديب لأبيه وحراسه وكما في فيلم ألف ليلة وليلة والذي نرى فيه جثثاً معلقة على المشانق في الصحراء».

وختم بدور محاضرته بالإشارة إلى الأهمية التاريخية لقلعة حلب التي جذبت بازوليني وأمثاله للتصوير فيها حيث انها صنفت على لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو عام 1986 مبينا أن قلعة حلب هي إحدى أقدم وأكبر القلاع في العالم والتل الذي تتوضع عليه القلعة يعود الى الألفية الثالثة قبل الميلاد وتعاقبت عليها العديد من الحضارات وتم مؤخرا نتيجة الحفريات توثيق معبد يعود إلى العصر البرونزي داخل القلعة وهو معبد الإله «حدد».

والدكتور نزيه بدور هو أستاذ كلية العمارة بجامعة البعث وباحث في تاريخ الفن وعلم الجمال وعضو في جمعية العاديات وقاص وروائي وله اصدارات عديدة ابرزها «الغموض في الشعر العربي المعاصر» و«إعلان مقتل الدكتور علي» ومجموعة قصصية بعنوان «على شفا حب».



حنان سويد وسمير طحان

sana.sy

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    اسمك

    الدولة

    التعليق