«رحيل».. موسيقى تبحث عن وطن للفنان السوري عروة صالح

27 كانون الثاني 2015

.

اختار الفنان الموسيقي الشاب عروة صالح اسم «روح» لمشروعه الموسيقي الذي أسسه في النمسا قبل عامين بهدف تقديم موسيقا معاصرة تحمل روح الشرق بكل مكوناته و تستخدم أساليب وأنماط موسيقا الجاز لتنضوي تحت عنوان «موسيقا العالم» حيث لا حدود ولا أفكار مسبقة بل تجربة مفتوحة على كل الثقافات والحضارات.

وفي حديث لسانا الثقافية أوضح صالح أن هذا التنوع سمح لفرقة روح بأن تؤدي حفلات على مسارح متنوعة و بمشاركة موسيقيين من كل العالم إذ بدأت الفرقة التي أسسها بالتعاون مع الموسيقيين النمساوي جيرهالد رايتر والتركي أويغار تشالي بتقديم مؤلفاته الموسيقية في مجموعة من حفلات صغيرة في مدينتي فيينا ولينز ومن ثم توسع المشروع فشارك العازفون الثلاثة مع مجموعة كبيرة من الموسيقيين في مهرجانات و مسارح و مشاريع متنوعة في النمسا .

وبين أن «روح» هي مشروع موسيقي تستضيف الفرقة من خلاله موسيقيين سوريين مقيمين بأوروبا و تقدم منذ عام 2012 و حتى الآن حفلات بمعدل كل شهرين حفلة بإستضافة موسيقي سوري جديد.

ومؤخرا أطلقت الفرقة ألبومها الأول تحت عنوان «رحيل - Raheel» وهو عبارة عن مجموعة من أعمال الفنان صالح سواء القديم منها والجديد وبالتعاون مع ستة موسيقيين من سورية وتركيا والنمسا وبإنتاج مستقل مدعوم جزئيا من دائرة الثقافة وجمعية المؤلفين الموسيقيين في حكومة النمسا.

واستمد صالح اسم الألبوم «رحيل» من آخر صورة حملها معه من دمشق وبقيت هذه الصورة تلازمه طوال الوقت حتى صارت قطعة موسيقية تدون في تسع دقائق موقفا تحكي عن رحيل حتمته عليه ظروف الأزمة وهذا ماعبر عنه في مقدمة الألبوم قائلا: «"روح" جزء من وطن و ذكرى لبلاد صارت بعيدة و أحلام أبعد.. رحيل.. لحظة يقف فيها الزمن.. حتى يخيل إليك بأنك صرت جزءاً منها و مثلها.. لا وطن لك»، وعن جمهور الموسيقا في أوروبا عموما و النمسا خصوصا قال أنه لا يختلف كثيرا عن جمهور دمشق باستثناء كثرة المسارح و الفعاليات والمهرجانات هناك إضافة إلى أن تنوع الأعمال المقدمة جعل هذه الموسيقا تتحول من ظاهرة ثقافية نخبوية إلى موسيقا أكثر انتشارا من بلادنا العربية فضلا عن أن الجهات المعنية تقدم رغم الصعوبات الاقتصادية دعما للمنظمات و الجمعيات الثقافية و ليس للموسيقيين و الأفراد.

للإستماع لمعزوفات الموسيقي عروة صالح اضغط «هنا»

وحول تأثير الغربة على أعماله قال الفنان المغترب أنه على الصعيد الشخصي أثرت به الغربة كثيرا فرغم التنوع والانفتاح الذي تفرضه الغربة والتجارب والاحتكاك مع ثقافات كثيرة إلا أن الموسيقي في الغربة يبقى في حالة بحث عن وطنه وبحث عن شوارع تشبه شوارع دمشق وعن وجوه تشبه وجوه أناس عرفهم في وطنه.. فالغربة رغم كل ما تقدمه من نجاح مهني وجمهور مهتم إلا أنها لا تقدم وطنا.

في العام المنصرم تمكن الفنان السوري الشاب من التأسيس لمهرجان يعنى بالتجارب الموسيقية السورية في أوروبا و قدم من خلاله ثماني حفلات موسيقية متنوعة على مسرح كورال فيينا وهو من أهم المسارح النمساوية بصورة بعيدة عن الأطر السياسية في الخارج بها…وقال بهذا الصدد..«أحاول هنا أن أقدم السوريين ليس كأرقام في نشرات أخبار وليس كأطراف متنازعة بل كحالة حضارية تحمل مكونات ثقافية و تجارب شبابية لا يكمن لأية أزمات أو مآسي أن تمحوها».

ولا يستطيع عروة أن يقدم أي نصح للموسيقيين السوريين الذين مازالوا في سورية لكونهم يعملون في ظروف استثنائية ويرى أنهم أكثر قوة ممن يعيشون في الغربة مؤكدا أن أصغر نشاط ثقافي يقوم به زملاؤه في دمشق يعادل الكثير مما يقوم به هناك في الغربة .

أما الموسيقيون في الخارج فهم برأيه أيضا لا يحتاجون للنصح إذ أصبح عدد كبير منهم في مصاف النجوم وهم يعملون حول العالم ويقدمون رؤيتهم وإرثهم الثقافي السوري على أحسن وجه .

وشكلت النشاطات الموسيقية التي قام بها عروة في سورية قبل رحيله إلى النمسا مخزونا وأساسا لما هو عليه الآن إذ عمل على مدى سنوات مع مجموعة من الموسيقيين القديرين الذين يكن لهم الاحترام ويتمنى في لحظات معينة وجودهم معه وهذا ما دفعه إلى استضافة موسيقيين سوريين في مشروعه روح على الدوام.

وكان لفرقة «توكسيدو» التي أسسها مع بداية عام 2005 في دمشق بصمتها الخاصة في فك طلاسم موسيقا الجاز واتقان مفرداتها ما جعل الفرقة التي تتألف من أربعة موسيقيين بمرافقة آلات الساكسفون والدرامز والكيبورد والبيز تحجز انذاك مكانا متفردا في مجال سينما الجاز في سورية.

وبالعودة إلى البدايات بدأ الفنان السوري الشاب منذ الصغر بالعزف على آلة العود ودرس الموسيقا في دمشق ومن ثم بيروت وعاد لاحقا إلى دمشق لإتمام دراسته في المعهد العالي للموسيقا وتخرج منه عام 2009 باختصاص العود.

ورغم أنه كان و لا يزال عازف عود إلا أنه اهتم بموسيقا الجاز ما دفعه لتعلم آلة الساكسفون.. وهذا الاهتمام بالجاز أعطاه لاحقا خبرة تمكن من خلالها طرح مشروعه في النمسا والذي لاقى قبولا حيث أنه ورغم شرقيته الطاغية إلا أن تأثيرات موسيقا الجاز عليه جعلته أكثر قبولا للجمهور الغربي.

وبهذا الصدد تحدثت إذاعة «مونت كارلو الدولية» عن معزوفة رحيل بقولها.. «عند الاستماع للمعزوفة نعجب كثيرا بالنغمات وبتوظيف الآلات فيها ويشد انتباهنا تناول التوافقات وهو جانب مهم في كل عمل موسيقي لكن الأجمل هو الأحساس الذي تولد منه النغمات وهو إحساس جميل في صدقه وعمقه رغم ارتباطه بالوجع أحيانا».

للإستماع لمعزوفات الموسيقي عروة صالح اضغط «هنا»


سلوى صالح

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق