الشاعر محمد الماغوط ضمن سلسلة أعلام خالدون في ثقافي أبو رمانة

27 كانون الثاني 2015

.

استعرض الباحث أسامة الماغوط ضمن سلسلة أعلام خالدون الشهرية التي استضافها ثقافي أبو رمانة مساء اليوم بعضا من جوانب حياة الشاعر محمد الماغوط مقتصرا على أنماط سلوكه الحياتية والوسائل التي كانت تدفعه لكتابة الشعر وكيفية انعكاس الأحداث الاجتماعية والإنسانية على موهبته الشعرية والمسرحية.

وبين الباحث الماغوط أن الشاعر محمد الماغوط بدأ حياته الاجتماعية بدمشق بعد أن فشل بالتعامل مع الزراعة والأرض ليختار الثقافة والأدب والكتابة ملاذا إنسانيا جعلته الموهبة الكامنة في داخله يلجأ إليه متأثرا بالأزمات الاجتماعية التي كانت تلم بأسرته وبمجتمعه إضافة إلى البيئة الصحراوية الملاصقة لبلدته السلمية.

في دمشق كانت تجربة الماغوط في الخمسينيات مغموسة بالم السجن ووجع الفقراء وآثار الظلم حيث ذهب بنزوعه الإنساني للبحث عن المرأة والحرية والأفق بحسب ما أورده الباحث الماغوط فكانت قصائده متأثرة بهذه الظواهر عبر ألفاظها ومفرداتها وتكوينها البنيوي الذي اعتمده الشاعر في نسيج نصوصه.

وأوضح الباحث الماغوط أن عمه الشاعر محمد الماغوط انضم إلى جماعة شعر في لبنان حيث تعرف إلى الشاعر اللبناني يوسف الخال الذي احتضنه في مجلته شعر مبينا أن أول من اكتشف الماغوط الشاعر هو الشاعر أدونيس وذلك في إحدى جلسات المجلة خلال قصيدته التي حملت عنوان «القتل» التي قرأها بحضور يوسف الخال وأنسي الحاج والأخوين الرحابنة فتركهم يتساءلون هل هو الشاعر «بودلير أم رامبو» إلى أن أشار أدونيس إلى الماغوط وقال هذا هو الشاعر الذي كتب القصيدة.

وقال الباحث لقد تعرف الشاعر الماغوط إلى الشاعرة سنية الصالح في بيت الشاعر أدونيس وهي شقيقة زوجته خالدة سعيد حيث كان الماغوط وسنية يتنافسان على جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة نثر وكان بعد ذلك قدرهما الزواج ثم تتالت التداعيات وصدرت مجموعته الشعرية الأولى «حزن في ضوء القمر» عام 959 عن دار مجلة شعر ثم مجموعته الثانية «غرفة بملايين الجدران عن الدار ذاتها» عام 1960.

وكانت دمشق بالنسبة للماغوط الشاعر صاحبة المقام الأول حيث سكنته وسكنها فلم يستطع أن يغادرها وكان يذكرها في أكثر أشعاره ولا سيما عندما يغادرها ولو لأيام قليلة حيث خاطبها في قصيدته «عربة السبايا الوردية» التي قال في مطلعها:

أيها الربيع المقبل من عينيها .. أيها الكناري المسافر في ضوء القمر خذني اليها .. قصيدة غرام أو طعنة خنجر ..فأنا متشرد وجريح.

ورأى الباحث أن الماغوط تجاهل كل القوانين القديمة التي تحكمت بأصول الكتابة الشعرية ولا سيما في مجموعته الشعرية الأولى «حزن في ضوء القمر» التي جاءت بمثابة بيان شعري يملؤه الاحتجاج والصراخ والحزن مقتحما بذلك الأبجديات التقليدية لشعراء تلك الفترة وتأتي أهمية قصيدة الماغوط بصوره الشعرية المبتكرة ولغته النافرة كأب شرعي لقصيدة النثر العربية حيث استطاع ان يقلب الطاولة على كل أبناء جيله ناقلا ذائقة القارئ إلى مفردات تمرده وعصيانه.

وأشار إلى أن الشاعر الماغوط أربك النقاد في التعامل مع أشعاره ليضطروا للاعتراف بها واستثنائها كمادة أدبية عالية المستوى حيث أورد قوله “ليس لي عالم منظم في كتابة الشعر .. إنها فوضى أشبه ما تكون بمعركة خيول في الغبار رويدا ورويدا تنجلي المعركة ودائما يكون الصدق هو بوابة قصيدتي وخاتمتها”.

ولفت الباحث الماغوط إلى أن الشاعر الراحل تشبث بعفويته وفطرته فكانت قصائده تلقائية مستقاة من بيئته الريفية ليعلن عبر مجموعته «الفرح ليس مهنتي» تحوله لكتابة المسرح والزوايا الصحفية بعد صمته الشعري وليكتب عشرات المقالات في مجلة المستقبل تحت عنوان «أليس في بلاد العجائب» ومن ثم مسرحيته «كاسك يا وطن» حيث كتب أيضا في مجلة الكفاح العربي ومجلة الوسط وفي هذه الكتابات رد على طرح ما عرف بمسرح النخبة حينذاك.

وعبر الباحث عن خروج الماغوط عن الوزن والقافية حيث اعتبرهما تدجينا للشعر مستشهدا بقوله «الشعر نوع من الحيوان البري.. الوزن والقافية والتفعيلة تدجنه وأنا رفضت تدجين الشعر وتركته كما هو حرا ولذلك يخافه البعض وأعتقد أن قصيدة النثر هي أول بادرة حنان وتواضع في مضمار الشعر العربي».

واعتبر الباحث أن كتاباته المسرحية ابتداء من العصفور الأحدب إلى ضيعة تشرين إلى غير ذلك كانت تجربة محيرة للنقاد حيث أعاب عليها سعد الله ونوس أنها نزعة تنفيسية تختلف عن مسرح التحريض لكن الماغوط كان يرى غير ذلك فالضحكة عنده كانت محاصرة بغصة والتحريض يجب أن يكون مثيرا حتى البكاء خلافا لما يريده صاحب «حفلة سمر من أجل خمسة حزيران» قاصدا سعد الله ونوس.

واعتمد الشاعر الماغوط بحسب الباحث في كتاباته المرجعيات الأخلاقية الشعبية والفطرية حيث قطع على نفسه عهدا أن يحقق أهدافها السامية وفق ما تجلى في مسرحه التي سما فيها البطل التراجيدي ولا سيما في مسرحه الذي اشتغله مع دريد لحام فبطله يدخل الزمن المسرحي جريحا ويخرج منه جريئا وجريحا لأنه لم يتمكن من تحقيق أهدافه.

ورحل الماغوط وظل معاديا لأمريكا التي يعتبرها عدوا لبلاده حيث رفض تكريمها واستضافتها له عدة مرات كما قال «لو نهض كريستوفر كولومبوس من قبره واكتشف دواء شعبيا لكل الأمراض المستعصية في التاريخ وعلى رأسها السرطان فلن يكفر عن جريمته باكتشاف أمريكا».

يذكر أن الشاعر محمد الماغوط كتب العديد من الأعمال الشعرية والمسرحية والتلفزيونية إضافة إلى الأفلام السينمائية منها «الفرح ليس مهنتي-غربة-ضيعة تشرين-العصفور الأحدب-حكايا الليل-وين الغلط-وادي المسك-شقائق النعمان-الحدود-خارج السرب-المسافر» كما نال العديد من الجوائز منها وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة.


اكتشف سورية

sana.sy

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق