صباح قباني.. رحيل قامة دمشقية عريقة

04 كانون الثاني 2015

.

على أكف ولادات ثلاث «الميلاد المجيد، ورأس السنة، والمولد النبوي» يترجل قطار الحياة بصمت وكبرياء وبهاء «صباح قباني» الدكتور العريق، والدبلوماسي العميق، والمستشار الرقيق، والإعلامي الأنيق..

صباح قباني هو الشقيق الأصغر لشاعر دمشق الخالد نزار قباني، سليل عائلة دمشقية عريقة خرج منها رجال أدب وفكر وسياسة واقتصاد تركوا بصمات خالدات في جدار الحياة..

شرفت بالتواصل مع هذه القامة العريقة عبر صداقة قديمة وطيدة ربطت المرحوم والدي الاستاذ عبد الغني العطري مع آل قباني.. فكان لقائي الأول مع المرحوم صباح قباني في العام 1987 في مكتبه، ويومها كان مستشارا لدى وزارة السياحة.. فأبهرني هذا الرجل الوسيم بأناقته ودماثته ورقيه.. وأبى إلا ان تطول الزيارة مع أنها كانت زيارة عمل سريعة، حيث تخلل الزيارة نقاش مطول تمنيت وانا استمع اليه في لحظة اختراق الزمن القادم أن أرتقي يوم أصير في عمره الى هذه الدرجة من الخبرة والكياسة..

وتتالت اللقاءات رغم الفارق العمري الذي لم يكن الا ليقربني اليه، ملتمسا فيه الأمثولة والقدوة..

كنت استشيره في عدد من الأمور، فأجد لديه الصدر الرحب لشاب ما زال يشق بداية الطريق.. وقد واظبت على واجب التواصل معه حتى آخر حياته، فكنت اهاتفه وأطمئن على صحته، ويطمئن بدوره على مشاريعي ومستقبلي..

صباح قباني هو المدير العام الأول والحقيقي المؤسس للتلفزيون العربي السوري وكان سفيرا ناجحا حقيقيا «يبيض الوجه ويرفع الرأس»، سوية وخبرة ولياقة وثقافة وأناقة وحضورا في عدد من الدول ابرزها الولايات المتحدة الامريكية..

يوم رحيل والدي في العام 2003 أتى معزيا وباكيا، فرأيت الدموع في عينيه.. يومها قال لي: «بكيت يوم رحيل نزار قباني، وابكي اليوم رحيل عبد الغني العطري.. ولما دعوته للمشاركة في حفل تأبين والدي الذي أقيم في "مكتبة الأسد" اعتذر شارحا لي السبب في كونه لا يستطيع امتلاك زمام دمعته لحظة وقوفه راثيا عبد الغني العطري الذي يعني له ذاكرة دمشق.. ».

واليوم أقف بين يديكم لأرثي هذا الرجل المميز قامة دمشقية عريقة وقد جمع المواهب والكفاءات والممكنات باقتدار..

رحل هذا الرجل تاركا لنا امثولة وقدوة ليت من يمارسون العمل الدبلوماسي والاعلامي يقتدون بها، كي نقدم نماذج تنحني القامات لتميزها ورقيها، وترفع القبعات احتراما لأدائها..

الرحمة والسلام لروحه الطاهرة والعمر الطويل لأهله وذويه..

وداعا ايها الكبير العريق والعميق والأنيق والرقيق.. صباح قباني..


سامر العطري

من صفحة سامر العطري على الفيسبوك

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق