فيلم «هويتي أقوى».. وثائقي يصور تدفق الحياة في وطن يأبى الانكسار
16 كانون الأول 2014
.
«هويتي أقوى» وثائقي قادم من رياح الغربة محمل بنسائم الأمل بصباح وطن يغمره السلام.. أهله عصيون على المحن والصعاب لأنهم قصص تاريخ روتها الأيام بأنهم أهل هذه الأرض الباقون على مر الزمان فمن عشق الوطن انبثقت فكرة العمل لدى المغتربة السورية الشابة ريحان يونان خريجة الصحافة والإعلام لتعده مادة إعلامية مكوناتها الصور والكلمات والموسيقا تؤكد أن الإنسان السوري بتطوره وانتمائه وحضارته كان أقوى من آلات الحرب والقتل.
الشابة ريحان أسكنت الوطن في أحلامها قبل أن تسكنه في واقعها الذي ما لبث أن تحقق وعادت إلى مدينتها السورية حلب حتى سرقته قساوة الحرب فارضة عليها غربة جديدة بطعم آخر يتلون بين الشوق والحنين للعودة إلى الوطن وبين التحدي والإصرار على وجود وهوية الإنسان السوري الذي تآمرت عليه الدول والأمم.
ومن هنا تبدأ ريحان فيلمها الذي عرض لأول مرة على قناة الميادين بألبوم صور قديمة تسترجع ذاكرة وطن لم تستطع قساوة الزمن تشويهها بالمقارنة والتذكر وبعض إسقاطات الماضي على الحاضر ليبين الفيلم أن مبدأ القوة في إرادة الحياة وأصالة الهوية لا في الرصاص والموت.
ويتميز فيلم «هويتي أقوى» بمكوناته الوثائقية الحية المأخوذة من حارات وأزقة سورية وأهلها استكمله نص تقريري وصفي للإعلامي اللبناني سامي كليب الذي أضفى بصوته ركائز وجدانية وتصويرية استطاعت تمتين العلاقة بين الصورة والكلمة.
أرادت معدة العمل أن تؤكد أن الإنسان السوري ليس مؤطرا بالتشرد والخراب واللجوء كما حاولت بعض الوسائل الإعلامية ترويجه حيث تقول ريحان في تصريح لمراسلنا: إن «الإنسان السوري عرف التطور وامتهنه منذ أقدم العصور فهو ليس كما صوره الإعلام الغربي مهجرا أو مستضعفا أو لاجئا بل هو إنسان متطور إرادته بالحياة أقوى من أي حرب»، مشيرة إلى أن فيلم هويتي أقوى هو عملها الإعلامي الأول وصور بين السويد وسورية ولبنان.
وبثقة وتفاؤل تؤكد ريحان أنها عائدة إلى سورية لتعمل في وطنها وعلى أرضها فالانتماء بالنسبة لها شيء مقدس يملكه الإنسان بتاريخه واسمه وتكوينه.
وبالخوض في تفاصيل الفيلم تختصر ريحان بدموع تملأ وجنتيها وصوت مخنوق بالألم وعينين تشيحان إلى الأفق بحثا عن العودة إلى الوطن أحلامها وحبها لوطنها الأم سورية في أحد مشاهد الفيلم بقولها “بحس ما شبعت منها خربت قبل ما تشبع مني واشبع منها عشت طول عمري على اني راجعة وبس صرت أول سنة جامعة بديت الحرب.. أخذت معها كل أحلامي، أنا صحي ما عشت الحرب .. هاون ينزل فوق راسي وشوف جثث وضحايا بس اتاخذت مني كل أحلامي”.
ويجسد الفيلم صور العديد من السوريين الذين عاشوا الحرب الإرهابية التي تشن على سورية أو عايشوها فمنهم عبر عنها بكلمة عمنختنق وأخرى تجد سوريتها وهويتها من خلال الناس والمكان، وآخر يقول أسئلة المستقبل تحدنا وتمنعنا من التطور فالحياة مستمرة والتطور ضروري للإنسان السوري وأخرى تكتفي بقول ما حصل في البلد كان مؤلماً.
الحيز الأكبر من مدة الفيلم التي تجاوزت ال 24 دقيقة غلب عليها السلام والفرح فكانت صور الحياة والتجدد تتعقب مشاهد الخراب والدمار في دمشق حاملة رسالة أوصلها الأب إلياس زحلاوي بكلماته «نواصل الترنيم والغناء في كل مكان لنذكر الناس بأن للإنسان حقا بكل حب وفرح وسلام أينما كان».
وتطرق الفيلم إلى ذاكرة عائلة معدته ريحان ابنة مدينة حلب التي تركتها بعمر 12 عاما متجهة مع أهلها إلى السويد كاحدى الأسر السورية التي اغتربت عن الوطن وبقيت جذورهم جسور انتماء وهوية معلقة بهذه الأرض حيث يقول والدها جان يونان «إن خلايانا من مكونات الأرض السورية» فيما تضيف والدتها «سورية لم تفارقنا في غربتنا لحظة» بينما تغني أختها فايا التي عرفت في السويد بصوتها الشجي الفريد حبها لسورية بـ «وطني وحياتك وحياة المحبة شوبني عم اكبر وتكبر بقلبي وأيامي إلي جاي جاي فيها الشمس مخباي إنت القوي إنت الدني ياوطني».
ولم يغفل الفيلم في جزئياته الفكرية والسمعبصرية أن يسلط الضوء على مكونات الشعب السوري بكل أطيافه وما يميزه من عادات وتقاليد اجتماعية ودورها في التمسك بالانتماء لهذا البلد الذي جمع على أرضه معظم المعتقدات البشرية بهوية واحدة اسمها سورية.
وبهذا تكون ريحان صاحبة فكرة عمل لبلادي الذي قدمته مع أختها فايا قبل شهرين وتحدث عن الأحداث الجارية في سورية ولبنان والعراق وفلسطين أثبتت بفيلمها الوثائقي هويتي أقوى تدفق الحياة في وطن يأبى الانكسار أو التلاشي مؤكدة على لسان من التقتهم أن نوافذ منازل هذا الوطن المعمرة بعد ركام تطل على أمل يشرق من هوية أصحابه الضاربة بعمق أرض روتها دماء أهلها وسجلت عليها الولادة والوجود.
مها الأطرش
سانا