على مسرح الحمراء بدمشق فرقة «الدراويش الشامية» تقدم أناشيدها الصوفية والمولوية

03 كانون الأول 2014

.

تمكنت فرقة الدراويش الشامية من تعزيز حضورها الفني مساء اليوم على مسرح الحمراء وذلك عبر توليفة واسعة من الموشحات الأندلسية والتراثية والأغنيات الصوفية إضافة إلى رقصات المولوية والأناشيد الصوفية التي قدمتها الفرقة معتمدة على مقامات الوجد الصوفي من السماعي راست حتى مقام البيات حيث دأبت الفرقة على توزيع هذه الألحان بما يتناسب مع شخصية الدراويش.

وقدمت الدراويش عبر أداء لافت توليفة واسعة من الأناشيد والرقصات عملت فيها على تدوين نوتات الموشحات الدينية والأندلسية إضافة إلى الأعمال الموسيقية التراثية والفنية الأصيلة على نحو../موشح كلما رمت ارتشافها..يا عذيب المرشف.. العذارى المائسات..جلالة مع تقسيم الناي..طلع البدر علينا/وذلك بهدف إعادة إحياء التراث الثقافي والفني الروحاني لإظهاره بالمظهر الحضاري الراقي.

وتابعت الفرقة برنامج حفلها بلوحة رقص صوفية قام بأدائها كل من رئيس المولوية حاتم جمل ومحمود الطير وأحمد الطير حيث لمع نجم راقصي الفرقة في هذا النوع من الأداء الجسدي العرفاني جنبا إلى جنب مع المنشد عبدالرحمن عبدالمولى الذي قدم أداء صوتيا رفيع المستوى ولاسيما في نشيد/صلي لربي/وأغنية/القلب يعشق كل جميل/ حيث دعم أداء عبدالمولى توزيع الفنان محمد صالح القباني عازف القانون ورئيس الفرقة وفق تلوين مقامي ولحني تنقل بسلاسة بين مقامي الراست والنهاوند والبيات.

الجمهور في صالة الحمراء عاش ساعة وربع الساعة من أجواء الحفلات الدمشقية الكبرى التي يغلب عليها الشجن الطربي فتجاوب مع أنواع الإنشاد الروحي والرقص الصوفي الذي نشأ وتربى في دمشق كدلالة على حضور الزوايا الصوفية في الحياة الدمشقية كجزء لا يتجزأ من المزاج الشعبي العام.

واقتربت الدراويش في أدائها من الفرق الصوفية العالمية التي استوعبت فرق المتصوفة من كل أصقاع الأرض ليكون الجمهور أمام ما يشبه حضرة صوفية استقت روحانيتها من مقام الراست وتفريعاته في مقامات/السوزناك وراحت الأرواح/إذ نجحت الدراويش التي تأسست كفرقة أم لكل الفرق الروحية في سورية في التنويعى على مختلف المقامات الشرقية وذلك بعد اعتمادها على جيل الشباب وأصحاب المواهب في تطوير عمل الفرقة وتكوين مزاجها العام وبصمتها في عالم الفرق الروحانية.

وكان للفرقة الدمشقية كبير الأثر لدى جمهور مسرح الحمراء من خلال تفاعله معها وانجذابه نحو رقصات الدراويش التي سجلت للعرض قيمة إضافية كصيغة متكاملة اتبعتها الفرقة لتتبنى مديرية المسارح والموسيقا برنامج حفلات/الدراويش الشامية/الذي سجل حضورا فنيا روحانيا متزايدا بعد المشروع الأخير الذي عملت فيه الفرقة العريقة على تقديم خلاصة الأناشيد الصوفية ولاسيما موشح /محبوبي لما بدا/وموشح/ذات الجمال/ إضافةً لموشحات/أتاني زماني..الله الله يارب../. كما قدمت الدراويش وصلتها الأكثر جمالا من خلال مقام النهاوند مفتتحة هذه الفقرة بمقطوعة من مقام/النكريز/مطوحة بين هذا المقام الصعب وأصله الموسيقي على مقام النهاوند لتوءدي موشحات من قبيل../قد صل يا رب على الحبي.. صلوا على خير الأنام.. قد بدا لي.. طالما أشكو غرامي.. خير البرية.. إن جبرتم كسر قلبي/ لتتألق الدراويش في هذه الوصلة بأداء جماعي مزج بين الموسيقا والإنشاد الجماعي ورقص المولوية.

وتضمن برنامج الحفل عددا من الأناشيد والتراتيل منها أغنية /عابد/لتختتم بمقطوعة/مدد يارسول الله/حيث أبرزت هذه اللوحة مهارات رقص صوفية عالية المستوى تناغم فيها أداء الفرقة بين الغناء الصوفي والأندلسي مع الأناشيد الدينية وتواشج مع الموسيقا الآلية ورقص المولوية فحفلت الأمسية الصوفية بوصلات من التراث الموسيقي الديني والإنشادي وما تختزنه الذاكرة الشعبية من ألحان وغناء ورقص روحاني وفق فهم عميق لطبية المقام العربي وتدرجاته الإيقاعية واللحنية لما له من أثر في وجدان المتابعين والسميعة.

وفاجأت الدراويش جمهورها بأصوات منشديها الذين قاموا بأداء عدد من الموشحات فضلاً عن لوحات جمالية للدراويش وفق طريقة المولوية الرفاعية الشاذلية التي حققت حالة من الذوبان الصوفي بين المغني والراقصين والجمهور جعلت من الغناء الصوفي طريقة من طرق معرفة الخالق والذوبان في الوجود عبر تسليم الكائن بعرفانية خالقه عليه وسعة جلالته اللامتناهية في الزمان والمكان.‏

ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الأداء الراقي للفرقة الموسيقية التي انسجمت فيها الآلات مع رقص الدراويش لتعزز الحالة الوجدانية لدى المغني وراقصي المولولية على حد سواء وذلك من خلال التأكيد على العلاقة بين جوقة الكمنجات والآلات الإيقاعية إضافة إلى التماهي مع بقية آلات التخت الشرقي بما يوءدي إلى الارتقاء باللحن نحو تطريبية مميزة.

يذكر أن فرقة الدراويش الشامية تم تشكيلها في بداية عام 2008 لتقوم بعزف وتدوين نوتات الموشحات الأندلسية والدينية إضافة إلى الأعمال الموسيقية التراثية والفنية الأصلية من سماعيات ولونغات وبشارف ودواليب وذلك بهدف إعادة إحياء التراث الثقافي والديني والفني وإظهاره بالمظهر اللائق وحفظه من النسيان والضياع وبما لا يتنافى مع الأعراف الدينية حيث كان المشرف على الفرقة الفنان الراحل عدنان أبو الشامات كما تم اعتبار هذه الفرقة من إحدى الفرق العاملة في وزارة الثقافة وإلحاقها إدارياً بمديرية المسارح والموسيقا بدمشق.


سامر إسماعيل

سانا

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

رقصات المولوية والأناشيد الصوفية من فرقة الرداويش الشامية

رقصات المولوية والأناشيد الصوفية من فرقة الرداويش الشامية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق