مونودراما «نديمة».. المرأة السورية في ظل الأزمة

26 تشرين الأول 2014

.

صحيح أن مسرحية «نديمة» التي بدأت عروضها 19 تشرين الأول 2014 على مسرح القباني في دمشق بشخصية واحدة ولكنها مرآة تعكس الوجوه المتعددة للمرأة في حياة العامة وخاصة صورتها في الأزمة التي تمر بها البلاد، وهي ليست منعزلة لأنها انعكاساً للواقع والحياة الاجتماعية، وتبرهن بأن الفن المسرحي بأعلى مستوياته ليس له حدود، حيث أن الفنان الحقيقي يلمس بنفسه روح الناس أو الروح الإنسانية، هكذا هي هذه المسرحية، تتكلم لغة المحبة الإنسانية أو الحب الإنساني، وذلك خلال أداء تمثيلي بارع من قبل الفنانة الشابة «روبين مصطفى»، وبأسلوب إخراجي مبدع بتوقيع الفنان «علي صطوف».

مونودراما «نديمة» مسرحية مونودرامية نسائية تحاكي بطريقة خاصة الحالة الراهنة للمرأة السورية، وانعكاسات الأزمة عليها من خلال استعراض لبعض الحالات الإنسانية، تعتمد على الرمز والدلالة وشكل من الأداء الخاص في مقاربة لما تعيشه شخصية «نديمة» وتعانيه في محاولة للتعاطي مع أزمتنا السورية.


لقطات من مونودراما نديمة

حضر اكتشف سورية العرض والتقى بعض من أصحاب العمل، وفي البداية تحدثت دراماتورج «رانية ريشة» عن دورها في تلقين النص قائلة: «أدهشني نص "نديمة" عندما قرأته، كانت الفكرة متكاملة، محبوك بلغة شاعرية جميلة، ولكن كان ينقصه الحس الأنثوي، وبالتالي أقتصر دوري ببث حالة الحب عند الشخصية، وحالتها كامرأة».

وأضافت: «يلامس النص حالة المرأة خلال الأزمة وبدونها، طالما هناك امرأة لا تنجب، وأيضاً من تبحث عن الحب ومن مات حبيبها، وكل هذه الحالات تجلت أكثر في الأزمة، وبالتالي نديمة تعيش حالاتها في الأزمة، وتجسد المرأة السورية التي أصبحت هشة في ظل هذه الظروف الصعبة».


لقطات من مونودراما نديمة

وأنهت «ريشة» حديثها قائلة: «أنا على يقين بأن أي امرأة تحضر العرض ستجد ذاتها، أو حياة امرأة أخرى تعرفها، وهذا ما نريد إيصاله من خلال هذه المسرحية. ولابد أن أشكر كل من ساهم في تنفيذ هذا العمل والشكر موصول لكم في موقع اكتشف سورية على اهتمامه بنا وبغيرنا، أتمنى أن نستطيع أن نقدم شيء رغم هذه المأساة التي نعيشها، وأن تبقى مسارح بلدي مضاءة دائماً».

استطاعت الممثلة «روبين عيسى» أن تملأ الخشبة برشاقتها وامتلاكها لأدواتها في أداءها الملفت، وجذبت الحضور بأسلوبها المتقن وأن ترسم علامات الدهشة على وجه المتلقي، تقول لنا «عيسى»: «حتماً، "نديمة" تلامسني كامرأة، هي الأم والحب والغضب والطفولة والشوق والحلم، كل هذه الأشياء التي تمس ليست المرأة فحسب، بل الإنسان بشكل عام، وجعها عام، وجع إنساني، ونستطيع أن نسقط هذه الأشياء كلها على الكثير من الأماكن، فهذه الشخصية لمستني في كثير من الجوانب ولمست أشياء بذاكرتي، ولامست كثير من الناس أعرفهم».


لقطات من مونودراما نديمة

وأنهت حديثها قائلة: «لا شك بأن الموندراما بالنسبة للممثل مسؤولية كبيرة، وبالنسبة لي كانت المسؤولية مزدوجة، لأني خرجت من عرض مونودراما منذ فترة وجيزة، وكان ينبغي أن يجد المتلقي اختلاف بين العرضين، والجيد في هذا العرض، هو ابتعاده تماماً عن عرضي السابق "ليلي داخلي"، صحيح إنهما تشتركان في وجع المرأة ولكن "نديمة" بعيدة من خلال أسلوب الأداء والتوجه، فضلاً عن تركيبة الشخصية».


لقطات من مونودراما نديمة

لم تكن حكاية العرض بالجديدة لكنها تمثلت بقدرتها على الدهشة في ذلك الأسلوب الإخراجي البارع الذي قدمها في لغة بصرية شاعرية تجمع الواقعي بالمتخيل والقديم بالحديث تحقيقاً لرؤية جمالية تضافرت فيها انساق العرض المختلفة لتشكل منظومة سيمفونية يتولى قيادتها عازف ماهر، كان المخرج المؤلف ومعه فريق عرضه، وأقصد كل من عمل في العرض «الموسيقا، الديكور، الأزياء، الممثلة..» يتمثلون الحقيقة وينسجونها عبر الرؤى لكنهم يتحفون في تقديمها خلق مهارات الأداء ولعبة الإخراج الذكي الذي ترك باب التأويل مفتوحاً لكل الاحتمالات.


لقطات من مونودراما نديمة

يتحدث لنا المخرج والمؤلف العمل الفنان «علي صطوف» قائلاً: «برأي النص وليد من رحم هذه الأزمة، لولا الأزمة لما كانت نديمة، بشخصياتها المتعددة والتي جميعها انعكاسات تلامس الأزمة إلى حد كبير، لا استطيع أن أقول بأن الأم التي لا تنجب ليست من رحم هذه الأزمة، المرأة التي تعرضت لشرط قاتل حوّلها إلى بائعة هوى ليست وليدة الأزمة، ولا نديمة الشخصية الوحيدة في العرض والتي نزحت ولا ندري هي بأي مكان ليست وليدة هذه الأزمة، هذه الظروف التي نمر بها ألمتنا جميعاً، وإن لن توجعنا نديمة بشخصياتها فهناك مشكلة، وأنا لست من أصحاب اجترار الأحداث ولكنني أرغب أن أضع أصبعي على وتر مؤلم قليلاً، عسى أن أحس بهذا الوجع».


لقطات من مونودراما نديمة

وقال أيضاً: «ما زالت نديمة حتى هذه اللحظة لم تشبع رغبتي بما أريد قوله، هناك الكثير من الأشياء أحب أن أقولها ربما لم يساعدني الظرف أو مدة العرض أو تكوينه، ولكني راض جداً عن ما قدمته في هذه المساحة الضيقة من الزمن والوقت والأمل، هذه المساحة التي بحثت فيها عن فرج و الأمل و فرح ما، ومع هذا كله أقول أتمنى أن يقارب العرض ولو قليلاً من حجم الألم الذي سببته هذه الأزمة، لا اعتبر حالي بأني أخفقت أبداً بل أعتبر نفسي من الأشخاص الذين حاولوا أن يقدموا وجهة نظره، حاولوا أن يقدموا الفرح والحب والوجع؛ الإخفاق حتى هذه اللحظة لم أحس به ولكنني قلق من أن أخفق».

مسرحية نديمة، تأليف وإخراج: علي صطوف، دراماتورج: رانيا ريشة، مساعد مخرج: نوفل حسين، إضاءة: بسام حميدي، ديكور: محمد وحيد قزق، ملابس: ريا قطيش.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

مشاهد من مونودراما نديمة للمخرج على صطوف

مشاهد من مونودراما نديمة للمخرج على صطوف

مشاهد من مونودراما نديمة للمخرج على صطوف

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق