«أنغام وكلام».. الموسيقا بين الفلسفة وعلم الجمال

14 تشرين الأول 2014

عرضت قناة «التربوية السورية» الفضائية مؤخراً برنامج مهم تحت اسم «أنغام وكلام» من إعداد الأستاذ وضاح سوادة، تقديم وحوار المذيعة فاطمة جيرودية، إخراج مضر غانم، تطرق إلى جوانب عديدة من الموسيقا وعلاقتها بالفنون الأخرى، إضافة إلى دراسات نفسية وفلسفية، كما عرض البرنامج المسافة ما بين أطفالنا وموسيقانا العربية والشرقية، من خلال استضافة المعنيين وأصحاب الرأي في هذا المجال، والحقيقة أنه أول برنامج يختص بالموسيقا ويضيء هذه النقاط المخفية عن الناس على الأقل على شاشاتنا الوطنية، ولأهمية المواضيع التي طرحها هذا البرنامج، زار اكتشف سورية بتاريخ 3 تشرين الأول 2014 موقع قناة التربوية والتقى الأشخاص ممن أسسوا ونفذوا هذا البرنامج.

التأسيس لقيمة جمالية نفسية وخلقية
البداية كانت مع المذيعة فاطمة جيرودية وهي مذيعة أيضاً في قناة «نور الشام» السورية، حيث قالت: «أخذتني لحظات من الصمت عندما طرح علي الأستاذ وضاح فكرة البرنامج، وفيه تحدث الكثيرون عن بدايات اللحن الموسيقي في بلادنا، وتحدِثوا عن دراسات تقارن الموسيقا بالفنون الجميلة، لكن البرنامج في الحقيقة كان بمثابة دراسة نقدية وبحثية حول علاقة الموسيقا بعلوم عملية ونفسية وبعلوم اللغة العربية أيضا، في جانب من جوانبه أكد ضيوفنا في البرنامج من اختصاصيين اللغة العربية والدكتور نضال الصالح المحترم أحدهم، أكد لنا وجود مادة غنية في تراثنا العربي، هذه المادة قادرة على ابتداع فن عربي حديث وراق في الوقت نفسه .. وعالج البرنامج مشكلة عزوف أبنائنا عن موسيقانا».


الفنان دريد لحام ضيف فاطمة جيرودية في برنامج أنغام وكلام

وأضافت: «لعل تنبيه البرنامج إلى حضور الموسيقا في الكثير من العلوم كعلم الدماغ وعلم الفلك وعلم الخط العربي وعلم النفس بشكل قوي كبير، لعل هذا التنبيه من شأنه أن يلفت النظر إلى فلسفة ما أو فلنقل إلى تساؤل: كيف يمكن أن تقوم الموسيقا بدورها وهي حاضرة في كل هذه العلوم؟، ربما يكفي ما جاء من إشارات وشروحات واضحة عن دور الموسيقا في تخزين الكثير من المعلومات غير القابلة للنسيان في الدماغ، وعن دورها في معالجة الأزمات النفسية أو الاضطرابات النفسية وحتى الهرمونية التي يعيشها المراهق».

وعن الهدف البرنامج قالت: «رسالة البرنامج بُثت عبر حلقاته كلها، وهي أهمية التأسيس لقيمة جمالية نفسية وخلقية عبر الموسيقا من شأنها أن تحفظ الجيل من الضياع الفكري والتشوه الأخلاقي من جهة، وأن تكون حافزاً على الإبداع من جهة ثانية».

وأنهت جيرودية حديثها قائلةً: «لا ننسى أن نشكر الإدارة في التربوية السورية التي أمن لنا كل ما يلزم لإتمام العمل بالشكل الأمثل، نأمل أن يكون العمل قد وصل إلى الناس كما نريد، وأن يحقق الغاية الجمالية والتربوية التي انطلق من أجلها».

الموسيقا والأغنية واحدة من أدوات الحرب التي اشتعلت ضد سورية
يجد معد البرنامج وضاح سوادة، في الموسيقا مادة غنية جديرة بالانتباه والغوص في دواخلها بتعمق، وذلك لنحلل الدور الجمالي والروحي الكامن فيها، حيث يقول لاكتشف سورية: «إذا كان الكون قد خُلِق يرافقه إيقاع، فالحياة كلها لها اهتزازات هي إيقاع موسيقي كما يعبّر آينشتاين، فإن لذلك فلسفة ما يجب قراءتها برهافة، وإذا كان الموسيقا قد رافقت الطقوس الدينية القديمة فلا بد من الانتباه إلى الدور الروحي الذي تؤديه».


طاقم برنامج أنغام وكلام مع مدير قناة التربوية السورية

ويتابع حديثه قائلاً: «التشوه الجمالي الذي طال نفوس أبنائنا عن طريق الموسيقا الحديثة أو موسيقا "الصرعات" إن جاز لنا التعبير، أدى إلى تشوه أخلاقي، ولا يفوتنا أن نذكر كيف كانت الموسيقا والأغنية واحدة من أدوات الحرب التي اشتعلت ضد سورية، من هذا المبدأ لا يمكن على الإطلاق إغفال دور الموسيقا».

وقال أيضاً: «للموسيقا ارتباط معروف بالفنون الجميلة، وهو ارتباط تحدث عنه الدارسون، ولها دور تربوي وتعليمي أيضاً، لكن فكرة البرنامج كانت التركيز على ارتباط الموسيقا بعلوم أخرى جديدة، الموسيقا وتنمية الموارد البشرية "وهو علم حديث نسبيا" لها دور كبير في توجيه الطاقات الكامنة وتحفيز الطاقات الخلاقة لدى جيل الأطفال والشباب، وهذا ما نحتاجه حاجة ماسة، وإذا أردنا أن يكون لنا دور فعال في تربية جيل جديد قادر على حمل آمال الوطن فإننا يجب أن ننبه إلى كل ما تحتاجه تربية هذا الجيل من أدوات وألا نغفل أحدها مهما بدا ثانوياً، لذا كان لابد من تسليط الضوء على الدور الكبير الذي قد تلعبه الموسيقا في هذا المضمار، الموسيقا وعالم الدماغ الواسع الأمداء، بين هذين العلمين علاقة وثيقة ومهمة، فيما لو تنبهنا إلى استخدام الموسيقا الاستخدام الأمثل .. فهل يفوتنا في هذا المعرض أن نذكر كيف لعبت موسيقا "الروك والراب وغيرها" دورا في غسيل أدمغة الشباب والأطفال حتى لملء اللاشعور لديهم بالكثير من الأفكار الغريبة والمشوهة التي من شأنها زعزعة بل تدمير القاعدة الأخلاقية والنفسية السليمة لدى أبنائنا ؟!».

ومن ثم تطرق «سوادة» إلى برنامج «أنغام وكلام» قائلاً: «كان ضيوفنا من الموسيقيين من ثلاثة شرائح أو فلنقل أجيال، الجيل الأول "شاب هاو" كان قد هوى الموسيقا الراقية الأصيلة وتمكن منها وهو بعمر 16 عاماً، فكانت الموسيقا قد انعكست عليه بنفسية متوازنة وحفظت له القيمة الجمالية لدرجة أن أذنه صارت ترفض كل ما هو شاذ، ونفسه صارت أبى كل ما هو مشوه، والجيل الثاني "شاب 22سنة" اخذ الموسيقا مهنة له بعد أن كانت هواية ونتيجة تلقيه لموسيقا أصيلة من منابع مختلفة عربية وأجنبية "فالجمال لا هوية أو عرق له" ابتدع ألحانا وتقاسيم جميلة ولم تستطع "الصرعات الموسيقية" الجديدة تشويه فكره حتى، لأن الموسيقا كان دافعا تثقيفيا بالنسبة له، والجيل الثالث "الفنان إياد حنا" وهو فنان شاب لكنه حافظ على النمط الأصيل وأضاف إليه دونما شذوذ موسيقي أو هبوط فني، وهو يحمل رسالة الفن السامي، الأجيال الثلاثة كان من الجيل الشاب في النهاية بقصد التنبيه إلى أهمية رعاية هذا الجيل الذي مازال متمسكا بفنه الأصيل ، ولفت النظر إلى الدور الكبير الذي تبعه الموسيقا في حياة شبابنا».


مذيعة التربوية السورية فاطمة جيرودية

وعن ما يربو إليه البرنامج قال: «أردنا أن نقول بطريقة جمالية، وعن طريق بث الفن الجميل والراقي، إن الموسيقا أول مهذب جمالي، يرقى بالحس والبهاء، فينعكس هذا الرقي على الإنسان بنفس سوية وأخلاق دميمة تأبى القبح بكل أشكاله، وتنجذب إلى الجمال بكل ألوانه، لا يفوتنا ونحن مقبلون على مرحلة الإعمار، أن إعمار النفس أولى من إعمار الحجر وأهم، لذا فللتربية دور كبير وفعال في المرحلة القادمة .. ومن خلال واحدة من مؤسساتها "قناة التربوية السورية" برنامج "أنغام وكلام" طرحنا الدراسات الخاصة بالموسيقا وعلاقتها بالعلوم الإنسانية والعملية في آن واحد علَّ هذا البرنامج يكون خطا من أوائل الخطوط والعناوين التي نبهت إلى هذا الأمر الذي أظنه سيكون محط دراسات وأبحاث واسعة في منطقتنا. ولعل المقام يقتضي أن نذكِّر أن اللحن الموسيقي الأول ولد من رحم هذه الأرض».

وأنهى وضاح سوادة حديثه قائلاً: «حظينا بفريق عمل محب ومخلص أشكر كل من قام على إتمام العمل، وعلى رأسهم إدارة التربوية السورية التي رافقنا بالدعم والتوجيه بالشكل الأمثل».

بقي أن نقول بأن برنامج «أنغام وكلام» جدير بالتوقف عنده، والمواضيع التي طرحته في غاية الأهمية وينبغي أن يكمّل مسيرته، لأن الموسيقا لا تكفيه حلقات محدودة وخاصة موسيقانا الغنية. ونحن بالأمس الحاجة اليوم بتهذيب النفوس وابتعاد عن المعاني والمفردات المشوهة التي فرضتها الأزمة علينا، ولا أجدر لهذا أكثر من الموسيقا.



إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    طاقم برنامج أنغام وكلام مع مدير قناة التربوية السورية

    الفنان دريد لحام ضيف فاطمة جيرودية في برنامج أنغام وكلام

    مذيعة التربوية السورية فاطمة جيرودية

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق