مسرحية الطوفان: عندما يتشظى المجتمع وتتغير الأفكار

09 تشرين الأول 2014

.

وأنت تنظر إلى الديكور البسيط المصمم لمسرحية «الطوفان» التي أنهت عروضها على مسرح الحمراء بدمشق بتوقيع المخرج سهيل عقلة، تتوقع من الوهلة الأولى أن ما يجسده العرض هو عبارة عن سبحة كبيرة قد طوَّقت الخشبة؛ وبالتالي فإن داخلها يكون ملعباً للممثلين وأدائهم، الأمر الذي يذكر بمقولة ماركس: «الدين أفيون الشعوب إذا استغل..» لنجد تلك الشخصية الدينية والمراوغة التي تتلاعب بأهل القرية قاب قوسين أو أدنى من طوفان آت.

وهنا يقول المخرج «سهيل عقلة لاكتشف سورية: «قرأت النص منذ أكثر من عشر سنوات، وفي بداية الأزمة اختلفت القراءة له، واختلفت وجهة النظر بتفاصيله الصغيرة بعدما أسقطت الفكرة بشكل عام على الواقع الحالي المعاش، وحاولت أن أعمل على البنية الدرامية للديكور وهي فكرة بسيطة لكن لها مدلولات كثيرة من خلال ربط حبات سبحة الشيخ الذي يمثل السلطة الدينية بأحجار الشطرنج، وعندما يتشظى المجتمع وتتغير الأفكار وتتباعد القلوب وتسيطر الأنانية، تقسو القلوب وتسود "الأنا" وتتلبد المشاعر، يحدث الطوفان».


لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

وقد تقبل المخرج النص على أساس أنه يروي قصة عالمنا العربي أو ربما يروي الحالة التي وصلت إليها سورية، وأكد على إبراز معالمه في هذه الحدود، ولم يكن من الممكن أن يعنى النص مسرحياً بالمستويات الزمانية والمكانية إلا في هذه الحدود، كون النص مكتوب من عشر سنوات وأكثر، وفي عالمنا هذا رأى المخرج أسباب قهرنا اليوم والاستغلال متمثلة في الارهاب والحركات الدينية العفنة؛ من جهة، والوعي الإنساني لدينا من جهة أخرى، حيث تدب الخلافات بين أهل القرية وتتعمق المشاكل وينسى أهل القرية المشكلة الأساسية، ليأتي الطوفان ويحرق الأخضر واليابس.


لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

يتحدث لنا كاتب النص المسرحي جوان جان عن حكاية نصه قائلاً: «مسرحية "الطوفان" تتحدث عن قرية يهددها طوفان سبق وأن اجتاح العديد من القرى الأمر الذي يدفع وجهاء القرية ورموزها من رئيس جمعية فلاحية ومختار ورئيس مخفر ومديرة مدرسة.. إلخ للاجتماع للتباحث بشأن كيفية التصدي لهذا الطوفان فتتفجر الخلافات بينهم لتتصاعد في نهاية المسرحية وتصل إلى مرحلة الكشف عن جريمة قتل الأمر الذي يؤدي إلى نشوب مشاجرة جماعية تكون نتيجتها وصول الطوفان واجتياحه للقرية، وبالتالي غرق جميع سكانها دون أن ينجو أحد».


لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

ويؤكد جان بأن نصه هذا يحاكي واقع اليوم مضيفاً: «وعلى الرغم من أنني كتبتُ النص قبل أكثر من أربعة عشر عاماً إلا أن كل من شاهد المسرحية أشار إلى أن أنها تتحدث عن الواقع الحالي في البلاد العربية وهذا أمر أرى فيه عنصراً إيجابياً في طبيعة تلقّي العمل»، كما يثني كاتب النص على أداء المخرج وأمانته في ايصال ما يربو إليه قائلاً: «هذه تجربتي المسرحية الثانية مع المخرج سهيل عقلة بعد مسرحية "نور العيون" التي قدمناها قبل أكثر من أربع سنوات.. والواقع أن ما يميز تجربة سهيل عقلة تناغمه التام مع النص المسرحيّ الذي يعمل عليه واستيعابه الكامل لكافة تفصيل النص من حوار وشخصيات وحبكة ومقولة وهدف، وهذا ما دفعني إلى تكرار التجربة معه بعد النجاح الكبير الذي حققته التجربة المشتركة الأولى "نور العيون"».


لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

أخيراً يشيد جوان جان على التعاون بين مديرية المسارح والموسيقا واتحاد نقابات العمال قائلاً:« أود أن أشيد هنا بصيغة التعاون بين مديرية المسارح والموسيقا وفرقة المسرح العمالي وأمانة الثقافة والإعلام في اتحاد عمال دمشق، هذا التعاون الذي أثمر هذا العرض، وهو أمر يشير إلى مدى انفتاح مديرية المسارح في وزارة الثقافة على التجارب الشبابية التي ترعى الفنانين الشباب من مخرجين وممثلين».


لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

المسرحية للكاتب جوان جان، إخراج سهيل عقلة، وبطولة نخبة من فناني المسرح العمالي وهم: فهد السكري، أميل حنا، سمير اللوجي، مؤيد الأحمد، ياسر البردان، ديالا العلي، لين حديد، أنور نصار، بلال الطيان، غسان مارديني، وأنس طبرة.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

لقطات من مسرحية الطوفان للمخرج سهيل عقلة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق