الموسيقي إياد حنا.. موهبة شابة تنهل من حضارة سورية وتاريخها

14 أيلول 2014

.

تتنوع التجربة الفنية لدى الفنان الموسيقي إياد حنا ما بين الغناء والتلحين وكتابة الشعر والعزف مستندة في ذلك إلى التراث الشعبي الغنائي السوري الذي يمتد منذ فجر الموسيقا السريانية وصولا إلى تراث الأجداد في العتابا والميجانا والمواويل ويروي الفنان حنا خلال حديث لمراسلنا خطواته الأولى في عالم الموسيقا قائلاً: «التقيت في سن الخامسة عشرة من عمري بالفنان الكبير الراحل وديع الصافي عندما جاء ليقيم حفلته في مرمريتا وأسمعته أغنية الليل يا ليلى فتفاجأ المطرب الكبير بأنني على دراية بكل أغانيه ليكتب لي على ورقة بيضاء.. اعزف كما تغني فغناؤك جميل وتعلم العزف لأن موهبتك تستحق أن تتعلم هذا الفن الجميل واعتقد أنك تمتلك القدرة على ذلك».

ويتابع الفنان حنا حديثه عن البدايات فيقول «كان لتشجيع أهلي وأقربائي واصدقائي والمدرسة وكورال الكنيسة في حي العدوية بحمص بالغ الأثر في عشقي للفن حتى احتضنتني منظمة اتحاد شبيبة الثورة لتكون أول انطلاقة لي في مسيرتي الفنية أغنية ارفع راسك التي غنيتها بمهرجان الأغنية الوطنية الذي أقامته الشبيبة حيث فازت الأغنية بأجمل أداء وأفضل كلام حينها شعرت بقدرتي على التقدم والاستمرار في طريق الفن والغناء».

ويرى الفنان حنا أن الغناء الجبلي الذي يؤدي العتابا ناصعة الجمال والأغنية الطربية هو أقرب إليه من أي لون آخر لأن صوته يحتمل كلمات وطربا أصيلا يمكن أن يعكس واقعنا بعفوية وصدق.

ويوضح حنا خطه الفني بالقول أؤدي كل فن يرتبط بحضارة سورية وتاريخها العريق بشكل يستوفي المقومات التي أرضى عنها وتصل إلى الذائقة الإنسانية بشكل لائق لأن هذا النوع من الفن يجب أن يعرفه السوريون بصفته يمثل جزءا من حاضرة عريقة تعود لآلاف السنين وما زالت موجودة بكل أسسها ومكانتها العريقة ومثل هذه الفنون الغناء السرياني الذي نرى عبق ألحانه متسربا في كثير من الألحان الطربية بشكل عفوي ولا يمكن انتزاعه منها.

ولكن مشوار حنا في الغناء لم يقتصر على المدرسة الشرقية بتفرعاتها حيث أدى الغناء الأوبرالي على صعوبته كونه نموذجا فنيا عالميا متشعب الاتجاهات ومن المفترض أن يتعرف إليه كل متذوقي الموسيقا بمختلف فنونه ولغاته ولهجاته وهذا ما دفعه لإتقان كثير من اللغات وتعلم مخارجها الفنية والصوتية واللفظية حتى يقدم شيئا يعتز به ويحترمه الآخرون.

وفي هذا الإطار قدم صاحب أغنية شارة نصر كثيرا من القطع الأوبرالية المجتزأة من أوبرات عالمية توسكا ودون جيوفاني والبوهيمية ووارثر إضافة إلى شعر ملحن لموسيقيين عالميين مثل شوبرت وشومان وذلك على مسرح دار الأوبرا بدمشق والمراكز الثقافية في بيروت حظيت بوقع جميل ومشجع.

وأشار الفنان حنا إلى خطورة تدهور الأغنية العربية وتراجعها بسبب عدم الاهتمام بالفنانين الحقيقيين وإهمال الثقافة الفنية والموسيقية ما جعل أشباه المواهب يتزاحمون إلى ساحاتنا ويبعثون إلينا بفن غريب لا علاقة له بماضينا ولا حاضرنا ولا شخصيتنا الثقافية والفنية كأحد أخطر أنواع الغزو الثقافي الفني الذي يهدد مستقبل الذائقة العربية وسلوك أبنائنا حتى يتسنى للآخر السيطرة علينا دون صعوبة أو مقاومة.

واستشهد الفنان حنا بما ذهب إليه بأغلب الكم الذي يطرح على الساحة الفنية لافتا إلى انهيار الألفاظ والبنية التعبيرية والشعرية واللغوية واللحنية ما يدفع الطاقم الذي يقدم أي أغنية إلى الاعتماد على ايماءات وإيحاءات تتذرع بما يفضله المراهقون وتعرض ما يستهوي الشاب التائه في شعاب الانحراف حتى تحقق حضورا شعبيا تتكئء عليه في تسويقها المادي.

ويدعو الفنان حنا المؤسسات الرسمية وغير الرسمية إلى الاهتمام بالأسس والمقومات التي من شأنها أن تقدم الفنون بتسمياتها ومضامينها الحقيقية إذ ليس معقولا أن نطلق مسمى أوبريت على أي عمل يخلو من الحوار والمقومات والإحساس الفني الذي يجب أن يمتلكه هذا النوع موضحا أنه لا يمكن أن يكون أي عمل غنائي ساهم فيه مجموعة مطربين ضمن مسمى أوبريت إن لم يلتزم بالشروط الفنية التي تخوله حمل هذا الاسم الفني العريق.

وعن رأيه بالأغنية الوطنية يقول أنا مع الأغنية الوطنية التي تتعامل مع آلات الاوكسترا وتعتمد التوزيع الاوركسترالي الذي يساهم في تحريك الذائقة الوطنية المرتكزة على عفوية إنساننا وانتمائه ومن هذا النموذج قدمت أغنية بعنوان شارة نصر من كلمات وألحان وتوزيع الفنان حازم جبور.

ولفت صاحب أغنية موجوع إلى أن الأغنية الوطنية يجب أن تسمو بمكوناتها عن كافة الأغاني الأخرى لما لها من دور حضاري ينهض بالقيم ويدعو إلى الحفاظ على الكرامة ويعمل على تحرير الأرض والمحافظة على تراب الوطن مؤكدا ضرورة أن تجتمع الكلمة والموسيقا واللحن والمعاني وطرائق التعبير ووسائله والأدوات المستخدمة لتحقق هذه القيم رغم أن هذا النموذج الغنائي أصبح قليلا جدا فلا نجد أثرا للأغنية الوطنية إلا ما ندر.

ويهتم الفنان حنا بالتربية الموسيقية وذلك منذ نعومة أظفاره حين اكتسب ذلك في منزله وتنامى على يد جده العاشق للموسيقا وأساتذته حتى أصبحت متجذرة في أعماقه لا يمكن التخلي عنها أبدا ما دفعه لمتابعة دراسة الموسيقا والاختصاص في التربية الموسيقية إضافة إلى ما اكتسبه من علوم موسيقية في المعهد العالي للموسيقا وخلال مسيرته الفنية.

وقبل أن يختم حنا حديثه يشير إلى أن الفنان الحقيقي يصبح نجما بعد أن تكتمل لديه المقومات الفنية والأخلاقية والتربوية والسلوكية ليؤدي رسالة إنسانية رائدة تخدم أرضه ومجتمعه وتطوره والتصدي إلى كل ما هو دخيل على مجتمعه.

يذكر أن الفنان إياد حنا من مواليد حمص وادي النضارة عام 1986 خريج المعهد العالي للموسيقا اختصاص غناء أوبرالي ويدرس حاليا في قسم الأدب الفرنسي وله العديد من الأغاني الاجتماعية والوطنية منها شارة نصر وهي آخر ما غنى وبدنا ياك وسورية طائفتي وموجوع وبدي عروس إضافة إلى بعض المؤلفات الموسيقية على آلات العود ومحاولات في الموسيقا الاوركسترالية.



محمد الخضر- سامر الشغري

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق