الفنان جهاد الزغبي: أي عمل ينتج حاليا يستحق التحية

23 آب 2014

.

يعتبر الفنان جهاد الزغبي نفسه محظوظا كونه استطاع أن يشكل صورة جميلة لدى الجمهور عبر سنوات عمله الفني الطويلة رغم قلة مشاركاته في الأعمال الدرامية مؤخرا فهو لم يقدم في الموسم الحالي سوى دور واحد في خماسية «مازالت القافلة تسير» ضمن مسلسل الحب كله.

ويقول الزغبي في حديث لمراسلنا: «أعتبر نفسي محظوظا وأطمح لأحافظ على الصورة الجميلة التي تكونت في ذاكرة الجمهور من خلال الأدوار التي لعبتها في الدراما التلفزيونية والإذاعية»، مضيفا كلما تقدم الزمن كلما شعرت أكثر بأهمية الأعمال التي شاركت فيها أكثر وهذا يتأكد لي إما من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال الأشخاص الذين التقيهم في الأماكن العامة فيذكروني بأعمال أديت فيها إحدى الشخصيات وكنت اعتقدت أنها صارت في طي النسيان».

وعن واقع الدراما السورية يوضح الزغبي أن الكم الذي يقدم في المواسم الأخيرة يعتبر قليلا نسبيا مقارنة مع ما كان ينتج قبل الأزمة ولكن نظرا للظروف الصعبة المرافقة لعملية الإنتاج اليوم فإن أي عمل ينتج حاليا «يستحق التحية» مبينا أن هذا يسجل لشركات الإنتاج التي قامت بالمغامرة وأنتجت داخل سورية رغم كل المخاطر المتمثلة بالقذائف الإرهابية العشوائية التي تتساقط على دمشق.

ومن ناحية النوعية يرى الزعبي وجود تفاوت بين الأعمال المقدمة كونه لم يتابع كل الأعمال لكنه شاهد مسلسل ضبو الشناتي وهو عمل ممتاز من كل النواحي كما تابع مسلسل بواب الريح وهو عمل تاريخي يتناول أحداثا في حقبة معينة وانعكاساتها على الناس في محاكاة لليوم وهذا العمل ينبئ بكاتب جيد في المستقبل.

وكان الزغبي رافضا لتناول الأزمة التي تعيشها سورية في الدراما مع بداية الأحداث مبينا أن تقديم هذه الأزمة في البداية كان يتطلب دراسة عميقة للبيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع السوري ككل إلى جانب تقديم تصورات عن نتائج الحدث سياسيا واقتصاديا على المجتمع وهذا لم يكن متوفر عندها.

ويبين أن الأزمة ولدت في البداية وجهات نظر مختلفة وتسببت بخلافات حادة حول أسبابها رغم أن المتابع للإعلام العربي والغربي كان بإمكانه رؤية حقيقة لعبة الأمم التي تمارس على أرضنا وصراع المصالح بين الدول العظمى ويتابع إن تقديم صورة مصنعة عن الأحداث التي نعيشها لم تك لتقارب حقيقة وقوة صورة الواقع التي كانت أشد تأثيرا من أي صورة درامية مهما بلغت من حرفية مؤكدا أنه بعد اتضاح الصورة صار يمكن تناول الأزمة التي تعيشها سورية في الدراما من زاوية ارتباط هذا الفن بالإنسان بكل مكوناته من طباع وأحلام وطموح وردود أفعال تجاه كل الظروف والأحداث من حوله وهذا ما استطاع تقديمه مسلسل ضبو الشناتي على سبيل المثال فقدم صورة عن المجتمع السوري متعدد المشارب والذي تكاتف في مواجهة الأزمة ردا على كل من حاول تسويق الأحداث على أنها حرب أهلية.

وعن توجه الدراما نحو مواضيع ليست من أولويات المجتمع في هذه المرحلة يشير صاحب شخصية صبري في مسلسل ورود في تربة مالحة إلى أن الدراما يجب أن تكون مرتبطة دائما بالإنسان ومكوناته وظروفه التي يعيشها وهذا الفن يتطور من خلال عنصرين اساسيين هما النص والإخراج عبر اتحادهما وانصهارهما مع بعضهما لتقديم الفكرة المراد طرحها حتى لو كانت تقليدية أو مطروقة من قبل بهدف تسليط الضوء على جوانب جديدة لم تقدم سابقا لكن بصورة فنية راقية تحترم عقل المشاهد وإنسانيته.

ويتابع إن على الممثل أن يبحث في الشخصية التي سيؤديها وأن يستخدم أدواته التعبيرية بأقصى طاقة وهذا ما عرفت به الدراما السورية وحقق لها التميز والريادة في الدراما العربية ما جعل منها «سلاحا خطيرا لذا اضطرت مراكز الأبحاث الأميركية والإسرائيلية للتحذير من خطرها على توجهاتهم في المنطقة فاستجابت بعض القنوات العربية عام 2009 وبدأت تحارب الدراما السورية عبر عدم شرائها ومحاصرتها».

ومع فشل هذه القنوات في الحد من جماهيرية الدراما السورية توجهت لإفراغها من مضمونها عبر دخولها على خط الإنتاج والتمويل للأعمال الدرامية والتحكم بالمواضيع والشكل الذي تقدم فيه هذه الدراما لتكون «فارغة» من أي محتوى فكري وتحاكي الغرائز على حد تعبير الزغبي.

ويشير صاحب شخصية مزيد في مسلسل الحصاد المر إلى أن تفاوت المستوى الفني الفكري بين الأعمال الدرامية السورية يعود لكونها متعددة مصادر التمويل والإنتاج فالمال هو الذي يتحكم بشكل ومحتوى العمل كما يتحكم بالسوق الدرامية كلها وهنا يتضح أن الدراما السورية ليست منتجا وطنيا دائما.

وعن تأثير الأزمة على الدراما السورية يوضح الزغبي أن التأثير السلبي الأكبر كان من خلال انحسار أماكن التصوير وحرمان الأعمال من تنوع هذه الأماكن ما أدى لانخفاض كم الإنتاج كما استمرت مشكلة المحتوى للأعمال الدرامية مع توجه أغلب الأعمال لمقاربة الأزمة بقيت معضلة توجهات القنوات الفضائية المشبوهة التي تتحكم بتوجه الدراما بعيدا عن بوصلة الصراع العربي الإسرائيلي.

وحول الإنتاج الدرامي الخارجي ودخول الممثلين العرب على الأعمال السورية وتاثيره على الممثلين السوريين يقول الزغبي إن إنتاج أعمال درامية بمشاركة فنانين سوريين وعرب كانت موجودة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وكانت أعمالا تاريخية باللغة العربية الفصحى ومن ثم جاء انتشار الدراما السورية عربيا لعدة أسباب منها قوة التمثيل والإخراج إلى جانب المواضيع التي كانت تطرحها الدراما السورية والمعنية بهموم الإنسان العربي عموما.

ويتابع إن ما يهم المحطات الفضائية العربية اليوم هو الربح المادي أولا وأخيرا من هنا كانت الاعمال المشتركة التي انتجت مؤخرا خارج سورية والذي جاء على حساب غياب الممثلين والفنيين السوريين كما اثرت على حركة السوق الدرامية ككل وخلقت تصنيفات جديدة للأعمال الدرامية العربية.

ويوضح صاحب شخصية البطولة في مسلسل الأطفال الشهير كان يا ما كان أن الممثلين السوريين الذين غادروا سورية لم يغيبوا عن الموسم الدرامي إلا أنهم لم يتواجدوا في الأعمال التي أنتجت داخل سورية وهذا أتاح فرصا أمام ممثلي المسرح للتواجد في هذه الأعمال.

ويدعو الزغبي المخرجين للبحث عن الممثل المناسب للدور حتى لو لم يك مشهورا ومطلوبا من قبل القنوات الفضائية مبينا أن هذا ما نراه جليا في الدول المتقدمة فنيا وتحديدا في السينما لأنها تعتمد المستوى الفني في تقديم عمل مميز وليس شهرة الممثل.

وحول أجور الممثلين يوضح الزغبي أن الأجور غير مرضية حتى لأصحاب الأجور العالية وبما أن الدراما التلفزيونية تجارية بالدرجة الأولى فالأجر يتعلق بالعرض والطلب وأجور النجوم دائما تكون على حساب أجور بقية الممثلين مبينا أن بعض الممثلين ساهموا في خفض الأجور بشكل عام عبر تقديم خدماتهم بأجور زهيدة مقابل فرصة عمل وهذا يتطلب قانونا نقابيا قويا رغم أنه لن يكون فعالا تجاه رأس المال غير الوطني.

وعن الفنانين الشباب يقول الزغبي إن لكل جيل وسائله التعبيرية فلولا ذلك لما ظهرت اتجاهات فنية جديدة وهذا يتضح أكثر في الفن التشكيلي كما ينطبق أيضا على بقية الفنون وحتى الأدب والإعلام مضيفا إن الفنانين الشباب يبحثون عن طريقة لتقديم أنفسهم ولكن الفرص قليلة ورغم ذلك تبقى الموهبة التي لا يمكن الاستعاضة عنها بأي بديل.

ويختم الفنان الزغبي بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل الدراما السورية ايمانا منه بالفنان السوري ويقول أطمح أن يسعفني الحظ والوقت لكتابة شخصية للمسرح عن شاب طموح يسعى لتحقيق أحلامه ومن ثم بعد سنوات يستعرض مسيرة حياته وأتمنى أن أتمكن من تأديتها على خشبة المسرح التي أعشقها.
محمد س


محمد س

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق