الأديب الدكتور عيسى درويش.. تجربة لافتة تثري المشهد الثقافي

23 تموز 2014

.

تتنوع تجربة الأديب الدكتور عيسى درويش لتشكل تجربة حياتية وأدبية مهمة نظرا لما مرت به من مراحل متلاحقة أثرت لديه البعد الإنساني والفكري على نحو واسع انعكس على العمق الإبداعي عنده والذي تجلى في سفر من النتاج الادبي والفكري والعلمي طال حقول الشعر والرواية والقصة القصيرة والاقتصاد والسياسة ليشكل درويش بذلك قطبا ثقافيا في المشهد السوري والعربي والدولي.

وعن بداياته أوضح انه نشأ في منزل يحوي مكتبة ضخمة فيها الكثير من الكتب الأدبية والدينية فأغرم منذ الصغر بالقراءة وشجعه اساتذته في ثانوية جول جمال على ذلك لتتفتح موهبته الشعرية في المرحلة الاعدادية خاصة و انه كان من المتفوقين في مجال اللغة والاداب حيث حصل في الثانوية العامة خلال سنوات الوحدة مع مصر على اعلى علامة في اللغة العربية في الجمهورية العربية المتحدة وهي / 59/ من اصل 60 و اصبح لاحقا شاعر المدرسة وهي الموهبة التي حافظ عليها رغم ان دراسته الجامعية كانت في السياسة والاقتصاد.

وقال: «بعد ذلك خضت عميقا في مجال الأدب لتتمخض تجربتي عن مجموعة واسعة من الاصدارات في مجالات عديدة لدرجة بات من الصعب معها متابعة كل ما ينشر لي وقد علمت في اخر زيارة لي إلى طهران أنه ترجمت إحدى قصصي إلى اللغة الفارسية وتم نشرها منذ عقود تحت عنوان / العشق الحرام / كما أن بعض قصائدي الشعرية تدرس في الكويت ومصر واكتشفت في الجزائر أن الموسوعة التي تتحدث عن الشعر السوري في الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي تضم ست قصائد لي كتبتها ولم يكن عمري يتجاوز انذاك 15 عاما جمعها الدكتور /عثمان سعدي/ سفير الجزائر في سورية في سبعينيات القرن الماضي».

وتابع.. «تضم موءلفاتي عدة مجموعات شعرية منها ديوان /قصائد في الحب والوطن /الصادر في العام 1998 وديوان / على ضفاف النيل / العام 1999 وديوان /شاعر في المقهى / الصادر في العام 2000 بالاضافة الى /قصائد في دفتر شاعر/ العام 2001 وجميع هذه الدواوين منشورة في لبنان والقاهرة.

وأضاف أديبنا لدي في حقل القصة القصيرة مجموعة بعنوان/اقاصيص ريفية/ و اخرى بعنوان / رماد الايام / كما اصدرت رواية بعنوان/احلام منكسرة/ في العام 2009 و رواية/ حكاية على جدار الزمن / العام 2007 و رواية /الجن يخرج من القرية / الصادرة عن وزارة الثقافة عام 2010 بالاضافة الى كتاب / الصناعة والنفط في سورية / و موءلفات اخرى قيد الطباعة.

اما اهم القضايا التي عالجها وطرحها في كتاباته فاشار الى انه من انصار الادب الواقعي في مجال الرواية و الذي يعالج مشاكل الطبقات الاكثر انتشارا في الوطن وهي طبقة العمال والفلاحين وذوي الدخل المحدود وعلاقتهم بالقوى الاجتماعية والسياسية الموجودة في الزمان والمكان الذي تدور حوله الرواية ففي روايته /على جدار الزمن / عالج مشكلة ارتباط الانسان بالارض وخصوصا في العهود الاستعمارية التركية والفرنسية.

أما في رواية /الجن يخرج من القرية / تصدى لمشكلة الشعوذة التي يمارسها بعض رجال الدين على بسطاء الناس في القرى والمدن لاستغلالهم وابقائهم في حالة من الجهل والتخلف بدلا من دعوتهم الى العلم والتفكير المنطقي السليم.

ولفت الى انه تطرق في بعض القصص القصيرة الى المشاكل الانسانية التي تعانيها الطبقات الفقيرة و المسحوقة وعالج الظواهر المرضية في المجتمع من جهل وتخلف وحرمان بالاضافة الى قضية المساواة بين الرجل والمرأة حيث النظرة المتخلفة للمرأة وخاصة في المناطق التي حرمت فيها المرأة من التعليم و العمل.

ويعبر في شعره عن انفعالات الانسان في محيطه ايمانا منه بأن للشعر رسالة نبيلة تتمثل في النهوض بالفرد والمجتمع الى مستوى افضل من الحس الجمالي والتذوق الفني والايمان بالانسان لان الشعر والموسيقى والرسم والنحت وغيرها من الفنون بنظره ما هي الا تجليات للروح و العقل وبالتالي جعل الحياة اكثر جمالا.

وسيكون لنتاجه الأدبي بالغ الأثر في نظرته لمهمة الاديب والمثقف من خلال التصدي للواقع الاجتماعي اذ انه صاحب رسالة لتطوير المجتمع ونقله الى حالة افضل فمهمة الادب هو تثقيف المجتمع ونشر رسائل المحبة والتقدم والعلم في اوساطه لأن المثقف الحقيقي هو من يلتزم بقضايا شعبه وامته بعيدا عن اعتبار الثقافة ترفا.

كما أنه لا يوءمن بنظرية الفن للفن او الادب للادب انما يجب ان يكون كل شيء في خدمة المجتمع والوطن والامة..و تابع.. انطلاقا من هذا المفهوم فأنا اقف ضد الانتهازية الثقافية التي يمارسها بعض المثقفين ممن يبيعون افكارهم لقاء المال ويتخلون عن القيم النبيلة المتصلة بالوطن والامة فالمثقف هو من يكون منغرسا كالصخور في ارضه فلايذهب الى القصور والفنادق الفخمة ويمارس التنظير لصالح اعداء الشعب و الوطن.

واشار درويش الى انه يؤمن بالتغيير والثورة بعيدا عن التعصب الاعمى والجهل الذي يقود الى الموت والقتل والخراب لإرواء غريزة القتل الحيوانية الموجودة عند بعض اشباه الناس ممن يدعون الثورة موءكدا ان المثقف لا يستغل الدين لكي يأتي على رقاب البسطاء من اجل زجهم في معارك فاشلة لايستفيد منها الا العدو فالدين هو رسالة السماء الى الارض من اجل الحب والتسامح والرحمة واعلاء شأن الانسان.

وعن تأثير محافظة اللاذقية واثرها في كتاباته اوضح ان اللاذقية بما تحويه من جمال طبيعة في البحر والجبل والنهر والسهل والشجر والانسان بالاضافة الى الماضي العريق لهذه المحافظة وازدحامها بالكثير من مشاهير الادباء والفنانين والمفكرين والشعراء والموسيقيين زاد من رهافة الحس بالجمال لديه.

وقال..ان للبيئة التي نشأت فيها في قرية المشيرفة وجارتها /ستمرخو/ قرب اللاذقية والتي اكدت الدراسات والاكتشافات التاريخية ان وجود الانسان فيهما يعود الى اكثر من 60 ألف عام تأثيرا كبيرا نظرا لتراكم ثقافة عشرات الالاف من السنين على شواطىء المتوسط وخاصة ان وكل شيء في عروس الساحل موح وملهم.

وعن حركة النقد الادبي في سورية اوضح ان هذه الحركة قد تخلفت كثيرا عن مجاراة الانتاج والكم الادبي الكبير في سورية شعرا وقصة ورواية فليس في هذه المرحلة سوى عدد من النقاد المحدودين جدا في حين ان مرحلة الخمسينيات والستينيات شهدت حركة نقدية مزدهرة جدا و تفوق اهمية ما هي عليه الان رغم وجود العديد من الجامعات في سورية خاصة و ان تلك الحركة ادت الى ظهور كتاب وشعراء كانوا في مقدمة الشعراء العرب امثال محمد الماغوط وادونيس ونزار قباني وغيرهم.

ولا يخفي درويش رأيه بالمشهد الثقافي في اللاذقية لأنه رغم أن المحافظة تزدحم بالمواهب الجيدة والمميزة من الشعراء والادباء والرسامين والنحاتين و سواهم الا انه ليس هناك من جمهور متلق مقترحا دراسة اسباب عزوف الجمهور عن حضور الندوات والمحاضرات وضرورة توجه النخبة المبدعة الى الريف والاحياء الشعبية والمدارس الاعدادية والثانوية لتنمية الذائقة الادبية والفنية لدى هذه الشريحة المهمة من المجتمع.

يذكر ان درويش من مواليد عام 1941 هو كاتب وأديب وشاعر ودبلوماسي ووزير وسفير سابق في العديد من الدول العربية مثل الكويت و القاهرة و الجزائر كما انه معاون وزير خارجية اسبق وشغل العديد من المناصب القيادية في الدولة وهو خريج جامعة الاسكندرية شعبة الاقتصاد والعلوم والسياسة ويحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الى جانب انه عضو في هيئة تحرير مجلة الفكر السياسي التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق و شغل العديد من المهام التحريرية لصحف ومجلات عربية وله مئات المقالات المنشورة في السياسة والاقتصاد في الجرائد السورية ومجلة الفكر السورية وبعض المجلات والجرائد العربية.


رنا رفعت

سانا

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    اسمك

    الدولة

    التعليق