مسرح الطفل.. نشاط جمالي موجه يتطلب مقومات فنية وإبداعية

30 حزيران 2014

.

مسرح الطفل رافد من الروافد الأساسية بالنسبة لتشكيل وعي الطفل والحوار معه وصياغة أفكاره لتكون لبنة في شخصيته وسلوكه في المستقبل وباعتبار الأطفال خامة مهمة في المجتمعات تستطيع التأثير فيها وتوجيهها من خلال ما يقدم لهم من صور وأفكار.

وفي هذا الخصوص أشار المخرج المسرحي الدكتور محمد بصل في حديث لنشرة سانا الثقافية إلى أن العنصر الرئيسي في فن مسرح الطفل هو النص فكثيرا ما يلجأ العاملون في مسرح الطفل إلى نصوص بسيطة مثقلة بالمواعظ والنصائح وبعض الدروس المسلكية التي يسمعها الطفل في البيت والمدرسة وبالتالي فإن تقديمها على خشبة المسرح بشكل تقليدي ومباشر وخالٍ من المقومات الفنية والإبداعية قد لا يتفاعل معها الطفل وقد يؤدي إلى نتائج سلبية تماما في الوقت الذي يظن فيه الآخرون أنهم يراعون القيم الاجتماعية والسلوكية والأخلاقية للأطفال.

وقال هناك من يعد المسرح هدفاً وثمة من يعتبره فناً من الفنون الجميلة لافتا إلى أن المسرح عرف قديما بالدراما والتي هي كتابة في النثر أو الشعر مهيأة لأن تمثل على خشبة المسرح وتتضمن قصة تحتوي على الحوار والفعل وتمثل بإيماءات مرافقة وملابس ومشاهد تمثل تماما الحياة الحقيقية وهذا التعريف وإن تطابق مع مفهوم المسرحية فإن للأخيرة سمات وخصائص تنفلت من إطاره وتتجاوزه إلى فضاءات أكثر رحابة لا يستطيع أن يدركها من اطلع على المسرح بوصفه درساً في الأدب فقط لافتا الى ان هناك خلطا بين كلمتي المسرح والدراما.

واوضح بصل ان الحديث عن المسرح الذي يستهدف الأطفال من سن الخامسة وحتى سن الخامسة عشرة يتطلب الوقوف عند جملة من المفردات الخاصة بعلوم النفس والاجتماع والفلسفة فالفضاء المسرحي هو ذلك الحيز الواسع والمتداخل الذي يضم في ثناياه مختلف القواعد والأعراف والطقوس ومداه أبعد وأوسع من الخشبة.

وأشار إلى أن المرحلة الأولى في رحلة البحث عن نشاط جمالي نطلق عليه اسم مسرح الطفل هي مرحلة اختيار النص مع كل ما تتطلبه هذه المرحلة من جلسات عمل جدية ودؤوبة موضحا «أننا تعودنا في نشاطنا المسرحي على أن المخرج هو من يختار النص وهنا تكمن خطورة هذه الخطوة».

وتابع.. «لعل أهم خطوة يجب على مخرج المسرحية أن يقوم بها هي اختيار النص في ورشة بحث وهنا لابد من مراعاة الشريحة العمرية والاجتماعية والثقافية للأطفال الذين يستهدفهم هذا النص إذ إن أول مقومات نجاح العرض المسرحي البنية الحكائية التي ستتضافر العناصر المسرحية جميعها لتقديمها وكثيرا ما يلجأ المخرجون في مسرح الطفل إلى الحكايا المنمطة التي يسمعها الطفل من والدته وجدته ومعلمته وبالتالي فإن تقديمها على المسرح محكية على ألسنة الممثلين لن يكون ذا فائدة إلا بحكم الطاقة الإبداعية التي يجب أن تتوافر في الفريق المسرحي برمته».

وأكد ضرورة التدقيق في الشرائح العمرية التي يستهدفها العرض موضحا أن المرحلة الواقعية يمكن أن تكون للشريحة العمرية خمس سنوات حيث تقدم لهم مسرحية تركز على الحركة وعالم الحيوانات والعرائس ولابد من الاعتماد‏ على الألوان والأشكال والإضاءة والتشويق بينما تكون الشريحة العمرية ثماني سنوات هي مرحلة الخيال المنطلق واستثارة قدرات الطفل في الارتجال سواء في خلق المواقف أو في إبداع اللغة أو في أداء الحركات ومرحلة البطولة تستهدف شريحة الثلاثة عشر عاما وما بعد وهنا لابد من التركيز على البطولات الجماعية والابتعاد عن البطولات الفردية التي لا توصل صاحبها إلى بر الأمان.

واعتبر أن المسرح فرجة لها سماتها وخصائصها ومقوماتها ولكن يبقى الإبداع الجمالي هو موجه ذلك كله فالإبهار في الديكور أساسي والزركشة والألوان في الملابس دون مبالغة ضرورية والإضاءة التي تلعب دورا بارزا بالإضافة إلى المكياج والأقنعة والموسيقا وعلى رأس كل هذه العناصر يأتي دور الممثل الذي يجب أن يدرك أنه يتوجه إلى الشريحة الأصعب في حياته الحرفية «فالحركات الرخيصة وتقليد الأصوات واستمالة الطفل بمخاطبة عواطفه أو ضحكة بطريقة مجانية كل ذلك لا يساعد في كسب أفكار الطفل ولا يخدم المسرح» مشددا على معاملة الطفل بوصفه شخصاً له مفاهيمه الخاصة للأشياء فضلا عن جدية الممثل واحترامه لفن المسرح حتى يتمكن من جذب هذا الطفل ويدخل معه في لعبة المشاركة التي تعد من أرقى أنواع اللعب المسرحية والتي يجب أن نتوقف عندها طويلا.


اكتشف سورية

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق