وقائع فعالية الملتقى الثقافي حول معلولا: «التاريخ والواقع والآفاق»

16 حزيران 2014

.

تحت رعاية السيدة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانا مشوّح نظمت المديرية العامة للآثار والمتاحف اليوم 11/6/2014 في القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق، الملتقى الثقافي حول معلولا، «التاريخ والواقع والآفاق»، والذي يهدف إلى إلقاء الضوء على الأهمية التاريخية والروحية لموقع معلولا الأثري الذي تمتد جذوره بعيداً في التاريخ، وذلك على المستويين الوطني والعالمي، بالإضافة إلى الاطلاع على الجهود المبذولة في الحفاظ على هذه المدينة التاريخية.

وذلك بحضور السيد محافظ ريف دمشق المهندس حسين مخلوف والعديد من الفعاليات الدينية والمجتمع المحلي في معلولا مع مهتمين بالشأن الثقافي والأثري.

وفي كلمة الافتتاح أوضح المدير العام للآثار والمتاحف الدكتور مأمون عبد الكريم أهمية البلدة وقيمتها العالمية لما تحتويه من آثار متنوعة يعود تاريخها إلى العصر الحجري وهي التي نالت بركتها من السيد المسيح ومر بها بولس الرسول وهربت إليها القديسة تقلا فراراً من والدها الوثني. وأضاف أن البلدة القديمة سجلت على لائحة التراث الوطني وأدرجت على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي لمنظمة اليونسكو كما تعمل المديرية العامة للأثار والمتاحف على تسجيلها على لائحة التراث العالمي لليونسكو.

كما أشار أن الموقع كان محور اجتماع اليونسكو حول «الحماية الطارئة للتراث الثقافي السوري» الذي عُقد في باريس خلال شهر أيار من هذا العام، وبالرغم من تعرضها للتدمير الهمجي الذي نال منها مؤخراً إلا إنه لم ينل من التوق إلى الحياة لدى السكان.

ثم تحدثت معالي وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح عن أهمية معلولا الروحية والتاريخية واللغوية، وأشارت أن معلولا متفردة بحضارتها عن سائر مدن العالم وتحتضن ما يزيد عن 400 ألف موقع أثري، ظهرت فيها الكتابة منذ الألف الثالث ق.م، وتميزها اللغة الآرامية عن سائر أنحاء العالم.

وتابعت بأن تآخي سكانها بأديانهم جعلها هدفاً للمسلحين وللتنقيب السري، وأضافت بأن الخطوة الأولى لإعادة إعمار تتمثل في حصر الأضرار التي تعرض لها الموقع.

وفي نهاية كلمتها حيت السيدة وزيرة الثقافة جهود قواتنا الباسلة في استعادة المدينة، وأثنت على جهود محافظة ريف دمشق والعاملون في المديرية العامة للآثار والمتاحف لما تبذله من جهود في سبيل الحفاظ على هذا التراث الثقافي العريق.

وقدم المهندس حسين مخلوف محافظ ريف دمشق مداخلة حول البرنامج الحكومي المتكامل لإعادة ترميم معلولا كأيقونة تاريخية دينية مقدسة بأبهى حلة وذلك بمشاركة المرجعيات الدينية التي ترعى شؤون المنطقة، وأضاف بأن هناك مشروع لصك تشريعي يمكّن السكان من القيام بأعمال الترميم وإعادة التأهيل حيث تم رصد 300 مليون ل.س للقيام بالتأهيل العاجل للموقع.

بدوره افتتح الدكتور محمود حمود الجلسة الأولى بعرض للدمار الذي حل بالموقع من جراء دخول المسلحين إليه، ثم انتقل إلى الأهمية التاريخية والأثرية لموقع معلولا حيث كشفت بعثات التنقيب عن وجود آلاف الكهوف التي سكنها الإنسان، وأضاف بأنه في موسم واحد تم العثور على 400 موقع أثري تميزت بوجود بعض الأجران لطحن الحبوب بالإضافة إلى أدوات هلالية مصنوعة من الصوان وقطع حلي مصنوعة من العاج، كما شهد الموقع الاستقرار الزراعي الذي يعتبر ثورة كبرى في الحضارة الإنسانية كما تعرض للعديد من الزلازل والكوارث عبر الزمن.

ثم أشار إلى صعوبة التنقيب ضمن الموقع كون البقايا الأثرية موجودة تحت مساكن البلدة القديمة، وقام بعد ذلك باستعراض أهم الكنائس الهامة والمقتنيات الأثرية في الموقع.

ثم تحدث الأب مكاريوس قلومة عن الأهمية الروحية لموقع معلولا مشيراً بأن بشارة الإنجيل بدأت تنتشر فيها منذ العصور الأولى للمسيحية بدليل كثرة المعابد والمغاور الموجودة في البلدة القديمة التي استخدمت لإقامة الشعائر المسيحية. وأضاف بأن النصرانية انتشرت في البلدة منذ القرن الأول الميلادي، مروراً بالقديس بولس في معلولا الذي قام بالتبشير بالسيد المسيح، ثم أصبحت البلدة بعد ذلك مركزاً أسقفياً وروحياً في سورية.

ثم افتتح الأستاذ طلال معلا مدير وحدة التراث الثقافي الجلسة الثانية بعرضه حول «معلولا الروح والمكان: معلولا في عيون الفنانين» حيث أشار إلى أن صلة هذه المدينة بتاريخ الفن عميقة جداً فالرموز والألوان في أيقونات معلولا حملت معاني كثيرة، وكذلك لوحات الفنانين التي حكت قصة معلولا بشكل عام، ونقلت مشاهدها المتبدلة عمق التاريخ والجمال الطبيعي والبنية المعمارية وحكايات المكان الدينية والأسطورية والتاريخية، بالإضافة إلى اللغة الآرامية التي تحمل القيمة الجمالية للحكايات. ثم اختتم كلمته بمقولة للفنان الراحل لؤي كيالي الذي قال إثر عودته إلى بلده في مطلع الستينيات «كل شيء هراء مقابل ان يعيش الانسان في وطنه».

ثم تحدث الفنان وائل الشايب عن معلولا فقال إن الأرض التي ننتمي إليها أعطت العالم أجمل ما عندها، وبهذا أصبحت أرضنا هي اللوحة الأم التي تنتمي إليها كل اللوحات فمعلولا من أكثر الأوابد اختصاراً لتاريخ الشرق.

بعد ذلك تحدثت الأنسة ندى سركيس من المديرية العامة للآثار والمتاحف حول أيقونات معلولا وأهميتها وخصائصها، وعرضت أهم الأيقونات في دير مار تقلا وشرحت مميزاتها مثل أيقونة القديسة تقلا والقديس نيكولاس التي تنتمي للمدرسة الحلبية وهي من أقوى المدارس في سورية وتتميز بزواياها المزخرفة والملونة، وأيقونة القديسة مارينا من القرن 19. كما استعرضت بعد ذلك أهم أيقونات دير سركيس وباخوس مثل أيقونة الصلب والعشاء السري التي تكمن أهميتها من طبيعة طاولة العشاء النصف دائرية ووقوف السيد المسيح على طرف الطاولة وهو تقليد شرقي مهم في الضيافة حيث يكون المضيف على الطرف ويقوم بخدمة الضيوف، وأيقونة مارسركيس وباخوس الذي اهتم فيها الفنان بالملابس والمكان، وكذلك أيقونة السيدة العذراء مع السيد المسيح والتي يظهر في زواياها الأربعة الأنبياء من العهد القديم، وغيرها من الأيقونات الهامة.

وبدوره استعرض الأستاذ نظير عوض معاون المدير العام/ مدير المباني الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف تطور قرارات تسجيل معلولا على اللائحة الوطنية، واستعرض مميزاتها التاريخية وأهم الأبنية الدينية فيها وقال بأن أقدم قرارات التسجيل لآثار معلولا تعود لعام 1966 تلاه القرار 243/آ تاريخ 13/10/1976 الذي سجل بموجبه منطقة الفجين الشرقي والغربي، ثم القرار رقم 833/آ تاريخ 13/12/2006 الذي سجلت بموجبه القرية بشكل كامل مع المناطق الأثرية المحيطة. ثم عرض إحدى أقدم الدراسات والأبحاث الميدانية المحفوظة في المديرية العامة للآثار والمتاحف التي تعود إلى مطلع العام 1953م وهي عبارة عن دراسة تاريخية ومعمارية مع مصور ومجموعة من الصور والرسوم للبلدة مثلت معالم هامة جداً فيها.

اختتمت م. لينا قطيفان مديرة المواقع الأثرية في المديرية العامة للآثار والمتاحف الجلسة الثانية، بعرض حول «المؤهلات التي تملكها معلولا لتسجيلها على لائحة التراث العالمي» تحدثت فيه عن معايير اليونسكو لاختيار موقع معلولا على لائحتها التوجيهية للتراث العالمي والتي تمثلت بكون الموقع يمثل مثالا بارزا لاستيطان بشري، فلقد سكنها الإنسان منذ نحو 3000 سنة ولم ينقطع التواجد البشري فيها عبر مختلف العصور التالية فواكبت وتأثرت بمختلف الثقافات التي مرت على المنطقة وصولا إلى الأكاديين والعموريين والآراميين ثم اليونان والرومان فالحضارة العربية. وأضافت بأن الموقع يقدم شهادة حول تقاليد ثقافية حية، حيث لا تزال «لغة السيد المسيح» سائدة في الموقع والعديد من الكهوف التي سُكنت منذ عصور ما قبل التاريخ وظلت في ذاكرة الأساطير والمعتقدات الجماعية، بالإضافة إلى الكنائس والأديرة وبلدتها القديمة.

رافق الفعالية معرضٌ للوحات الفنية المستوحاة من مدينة معلولا، ومشاركات شعرية، بالإضافة إلى تراتيل آرامية ألقتها جوقة كورال معلولا.

وفي نهاية الفعالية خلص الملتقى لعدة توصيات تمثلت بضرورة استخدام المواد التقليدية في ترميم البلدة القديمة وذلك وفق الأسس والمعايير المعتمدة عالمياً تمهيداً لتسجيل معلولا على لائحة التراث العالمي، وفق جدول زمني يتم متابعته من قبل الجهات المعنية، بالإضافة إلى إنشاء صندوق الطوارئ لتمويل المباني التي بحاجة إلى تدخل سريع من تدعيم وغيره، والإسراع بتقديم المساعدات والقروض وصندوق لترميم المباني التي تأذت خلال الأحداث التي مرت على معلولا. كما طالب الحضور بمخاطبة المنظمات الدولية «اليونسكو» للتدخل من أجل الحد من الإتجار غير المشروع بالأيقونات والمقتنيات الأثرية التي سرقت من الموقع، والمساعدة بتقديم المعونة التقنية لأعمال الترميم وإعادة الإعمار، كما طالبت المحافظة بضرورة إنهاء المخطط التنظيمي من أجل الحد من انتشار الأبنية الإسمنتية المشوهة للمشهد الثقافي للمدينة.


اكتشف سورية

المديرية العامة للآثار والمتاحف

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

لقطات من قائع فعالية الملتقى الثقافي حول معلولا

لقطات من قائع فعالية الملتقى الثقافي حول معلولا

لقطات من قائع فعالية الملتقى الثقافي حول معلولا

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق