في ذكرى رحيله السادسة عشرة.. الشاعر قباني

07 أيار 2014

صور المرأة بشكلها الإنساني وحضورها اللائق

تختلف الحالة الفنية في شعر نزار قباني وليس بالضرورة أن تكون القصيدة الشعرية عنده في حالة ألق دائم فالخط البياني للقصيدة يتحرك وفق العاطفة ومدى تأثرها بالموضوع وهي التي تساعد الشاعر في التشكيل الشعري وارتفاع مستواه في قصيدة صنعت من فاكهة الشعر تراجع المستوى الفني عند نزار قباني واعتمد الكلام العادي الذي لم يصل إلى مستوى إقناع المتلقي واكتفى بكلام منمق وبموسيقى لم تتوافق مع لهجة السرد الخطابية لان التفعيلة يغلب عليها الحركة السريعة والنغمة المتدافعة والصنعة الأدبية يقول في قصيدة صنعت من فاكهة الشعر.. ومن ذهب الأحلاومن ذهب الأحلا أنت امرأة .. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوام

وفي بعض قصائده الغزلية يعتمد نزار قباني أسلوب القص الشعري فيهتم بتوازن الموضوع بين الأسلوب السردي ومحاولة الإثارة والتشويق واستنفار العاطفة عند القارئء وصولا لنهاية الحدث القصصي في القصيدة كما هو الحال في رسالة حب قصيرة.. حبيبتي لدي شيء كثير.. أقوله لدي شيء كثير.. من أينَ يا غاليتي أَبتدي و كل ما فيك.. أمير.. أميمن أينَ يا غاليتي أَبتدي و كل ما فيك.. أمير.. أمير

وتتجلى النوازع الشخصية في بعض قصائد نزار قباني حتى تتراوح القصيدة بين الضعف والقوة نظرا لان العاطفة الشعرية لا تخدمه كثيرا بسبب الذاتية المفرطة التي تدفعه للبحث عن كلمات تليق بقناعاته التي قد لا تتوافق مع قناعات الكثيرين كما في قصيدته "أنا والنساء" حيث قال.. أريد الذهاب .. الى زمن سابق لمجيء النساء الى زمن سابق لقدوم البكاء فلا فيه المح وجه امرأة .. ولا فيه اسمع صوت امرأة

وبرغم غزارة عواطفه الشعرية يضطر احيانا للكتابة باستخدام أدوات النداء فتنفر اللغة العربية من اقتران أداة النداء بضمير الرفع كما في قوله.. "يا أنت .. يا جاعلة أحرفي".

وتسمو القصيدة عند نزار قباني في حالاته الشعورية التي تحكمها العاطفة المتدفقة بسبب عاطفي حقيقي وتتمكن الموهبة من انتقاء الالفاظ والدلالات مع استخدامها بشكل متناغم مع الحركة الموسيقية والدفقة الشعورية التي تظل في تصاعد مستمر دون تكلف أو قصد وهذا جاء في قصيدته "إذا مر يوم ولم أتذكر" حيث قال.. إذا مر يوم ولم أتذكر .. به أن أقول صباحك سكر ورحت اخط كطفل صغير .. كلاما غريبا على وجه دفتر وحين أنا لا أقول أحب.. فمعناه أني أحبك أكثر

كما تمتزج الحالة العاطفة في شعر المرأة عند نزار قباني بالوصف فالتقط صورا مدهشة جاءت مجتمعة في تعابيره الشعرية العذبة التي تنساب بشكل فني يجمع بين أصالة الماضي وعبق الحاضر كما جاء في قصيدته "غرناطة" .. سارت معي والشعر يلهث خلفها .. كسنابل تركت بغير حصاد عينان سوداوان في حجريهما .. تتوالد الابعاد في الأبعاد.

وفي مقدماته الشعرية تتجلى صورة المرأة الحبيبة لأنه يجد في المرأة جزءا هاما في حياته الانسانية والوطنية فتندفع موهبته لتأتي بما هو أفضل ما لديه نظرا لاهمية الفاتحة الشعرية في القصيدة ومدى أثرها في متابعة وتواصل القارئ مع كامل النص وذلك ظهر واضحا في قصيدته «ترصيع بالذهب على سيف دمشقي» التي قال فيها .. أتراها تحبني ميسون .. أم توهمت والنساء ظنو.. يا بنت العم والهوى أموي.. كيف أخفي الهوى وكيف أبين.

وللشعر الحسي أثر بالغ في موروث نزار قباني الشعري فصاغه بشكل متقن وأعطاه كثيرا من خبرته وتقنياته رغم ان أثر العاطفة لم يكن واضحا كبعض كتاباته الغزلية التي ساعده فيها اختياره لنمط البحر الخليلي الذي يتوافق مع البنية التركيبية للموضوع كقوله في قصيدة "القبلة الأولى".

تروي الحكايات أن الثغر معصية .. حمراء أنك قد أحببت معصيتي .. يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها ..شذا جبالي ..وغاباتي وأوردتي وظهر في غراميات نزار قباني حب دمشق واضحا فشاركت حبيبته وقوافيه وكان لها فضل كبير في تنشئة اللفظة الرقيقة والشفافة في تراكيب نزار قباني وجمالياته الشعرية يقول .. هذي دمشق .. وهذي الكأس والراح .. اني أحب وبعض الحب ذباح أنا الدمشقي .. لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيد .. وتفاح أما وصول القصيدة عند نزار قباني الى مرحلة النسيج الشعري التي تفرد بها وانتزع بسببها هويته الشعرية وشخصيته الادبية يتوقف على تجاربه الحقيقية وحبه الراقي ووصوله إلى درجات العاطفة القصوى فتتماسك القصيدة وتأتي الموسيقا متوافقة مع الألفاظ والحركة الشعورية ويظل الخط البياني للحدث متصاعدا حتى النهاية فيترك أثره ويمض كما في قصيدة «أسالك الرحيل».

لنفترق قليلا .. لخير هذا الحب يا حبيبي وخيرنا .. لنفترق قليلا .. لأنني أريد أن تزيد في محبتي .. أريد أن تكرهني قليلا ويعتبر نزار قباني واحدا من أهم الشعراء المجددين الذين شكلوا علامة فارقة في تاريخ الادب العربي نظرا لتناوله مواضيع الغزل والمرأة بشكل مختلف عن سابقيه حيث تمكن من كتابة الشعر بأساليبه المتنوعة دون أن تثنيه قافية او وزن أو غير ذلك إضافة إلى المواضيع الأخرى التي ظهرت فيها المرأة بشكلها الإنساني الرفيع وحضورها العربي اللائق.


محمد الخضر

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

وسام المواس:

أظن أن نزار قباني لم ولن تلد أي أمرأة سورية أو غير سورية كشخصية هذا الشاعر الكبير

لبنان