الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في دار الأوبرا

07 أيار 2014

تعزف القداس الجنائزي لكيروبيني

بينما كانت دمشق تمطر قذائف هاون من أيادِ قذرة على أهلها، لتنثرَ أشلاء أطفالنا ونساءنا وشيوخنا على أرصفة هذه المدينة الصامدة التي تأبى أن تموت أبداً وتمتزج دماء شهدائنا بعطر الياسمين، كانت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية تعزف حزناً من خلال القداس الجنائزي للمؤلف الموسيقي لويجي كيروبيني، ليكون هذا العمل بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان بمثابة قداس يعزف برفقة جنازة شهداء سورية من مدنييها وجيشها العظيم.

ويتفق باغبودريان معي على هذا القول حين يصرّح بأنَّ العمل يأتي انعكاساً لما نعيشه كل يوم من حزن على الشهداء، لم أكن أتخيَّل أبداً عند اختيارنا للعمل عام 2003 أنه سيأتي اليوم الذي نعيش فيه الحالة الحزينة الموجودة في هذا القدَّاس الجنائزي بشكل واقعي ويومي، ويعتبر هذا العمل إهداءً لروح من فارقنا من الموسيقيين المهمِّين وآخرهم فيكتور بابينكو ولروح كل شهداء الوطن.

القدَّاس الجنائزي هذا من سلَّم دومينور لكورال متعدد الأصوات والأوركسترا وهو عمل ضخم حيث ضم الكورال ستة وأربعين مغنياً ومغنية هم طلاب السنة الأولى في المعهد العالي للموسيقا بالإضافة إلى طلاب أقسام البيانو والغيتار والغناء من بقية السنوات بمرافقة أربعين عازفاً من الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، حيث يحمل نفحة إنسانية كبيرة يستطيع أن يتغلغل داخل المتلقِّي ويدغدغ مشاعره ويحتل منها جوانب متعددة، مليئة بالحزن وبعيدة عن هدوء الديني الذي تتميَّز بها جلّ القداديس الجنائزية.

واعتُبِرَ المؤلف لويجي كيروبيني موسيقياً لامعاً في زمنه، ورجل ثقافة واسعة في الوقت نفسه، ومن هنا فإنَّ أعماله اتَّسمت بذلك الطابع المزدوج الذي يجعل العمل الفني ينطلق من موهبة أكيدة ولكن أيضاً من ثقافة كبيرة , وهو مؤلِّف موسيقي إيطالي ولد عام 1760 في فلورنسا، ولكنه استقر في باريس منذ عام 1788حتى وفاته فيها 1842، ألَّف أول قدّاس ديني مع الأوركسترا عزف في فلورنسا وهو في الثالثة عشرة من عمره. ثم درس الأسلوب المسرحي في مدينة بولونيا مع المؤلف سارتي، وكتب سوناتا للبيانو بأسلوب الموسيقي غالوبي. ألف أول أوبرا «فابيو الخامس» وهو في العشرين من عمره، وقد أحدث أسلوبه الأوبرالي المتأثر بالمؤلف الألماني غلوك ثورة في موسيقا المسرح أوبرا «أدريانو في سورية». كما كتب أعمال عدة بطابع غنائي من نوع الجاد ، كما أن كيروبيني هو صاحب قداديس شهيرة، وأعمالاً موسيقية دينية كثيرة ، وصاحب أوبرا "ميديا" الشهيرة التي لم يبقَ فنان كبير إلا وأبدى إعجابه الكبير بهذه الأوبرا.

عموماً العمل الذي تم تقديمه في الأمسية صعب يحتاج الديناميكية ومستوى عال من الأداء، حيث يراد له أوركسترا كاملة وكورال كبير لتنفيذه ، عمل جماعي بكل ما في الكلمة من معنى ، وجاء الأداء منسجماً بين الفريقين «الكورال والسيمفونية»، واستطاع المايسترو باغبودريان أن يمسك بزمام الأمور ويصل بالفرقتين إلى النهاية.

عن أهمية هكذا عمل بالنسبة للطلاب والفرقة قال باغبودريان لاكتشف سورية: «هكذا أعمال ضخمة هي فرصة للطلاب باختصاصاتهم المتنوعة ليتعلموا كيف يتم الغناء الجماعي والاستماع لكل أعضاء الفرقة سواء في الغناء أو العزف مبيناً أهمية تعلم الغناء الجماعي للموسيقي أيّاً كانت آلته الموسيقية التي يعزف عليها ليتعلم كيف يتعامل مع زملائه للخروج بنتيجة متناسقة بين الجميع».

ومن الجدير ذكره بأن الموسيقي حسام الدين بريمو هو من قام بتدريب الكورال، وتجهيزه للأمسية.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

مشاهد من حفل الفرقة الوطنية السيمفونية

مشاهد من حفل الفرقة الوطنية السيمفونية

مشاهد من حفل الفرقة الوطنية السيمفونية

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق