إذاعة دمشق.. استقطاب الفنانين ومواكبة الأزمة ببرامج درامية مميز

13 نيسان 2014

.

أثبتت إذاعة دمشق على مدى السنوات الثلاث الأخيرة أنها قادرة على مواكبة الأزمة التي عصفت بالبلاد ومضاعفة نشاطها ليس من خلال البرامج السياسية فقط بل من خلال برامج درامية كثيرة ومتنوعة تطرقت إلى معاناة الناس ومحاكاة همومهم وساهمت في الوقت نفسه بتأمين فرص عمل للفنانين الذين تمسكوا بوطنهم ورفضوا مغادرته مهما كانت المغريات.

وفي لقاءات أجرتها سانا بهذا الصدد أجمعت بعض الكوادر الإذاعية العاملة في هذه البرامج على أن وتيرة العمل الإذاعي الدرامي ازدادت بنسبة كبيرة خلال الأزمة لتتحول غرفة البروفات إلى ما يشبه خلية نحل في حالة انعقاد دائم وعمل دؤوب لا يتعب أفرادها الذين بلغ بعضهم من العمر عتيا والذين يعتبرون الإذاعة بيتهم الثاني.

وقال الكاتب الإذاعي أحمد السيد إن الأزمة أجبرتنا وألزمتنا أن نحكي عن معاناتنا ومعاناة الناس وأنا أكتب يوميا عن المعاناة الإنسانية لشريحة كبيرة ممن تم تهجيرهم وممن فقدوا أبناءهم وأهاليهم وذويهم وبيوتهم فتطرقت لهذا الموضوع من خلال كتابة نصوص برنامج اسمه «محكمة الضمير» ..كما كتبت نصوص برنامج مختص اسمه «اقعود لنتفاهم» يقدمه الفنان القدير رفيق سبيعي الذي يتكلم بطريقة شعبية عن ابن البلد ومشاكله الحياتية بحيث يوجه البرنامج الناس بطريقة أبوية للتعامل مع الأزمة بشكل صحيح.

وأضاف أن الأزمة خلقت فينا حالة من الحالات التي جعلتنا ننطلق بأفكارنا وندرس جذور الأزمة ونقرؤها قراءة صحيحة بعيدة عن التسطح: ما دفعنا إلى الاختصاص الدرامي فاختصاصي مثلا أن أدخل في الميدان السوري وأكتب دون أي تحيز .. أكتب بشكل إنساني فقط انطلاقا من انتمائي السوري .. كتبت أغنيتين لرفيق سبيعي الأولى بعنوان «على سورية انسحب السيف» كصرخة ألم من ابن البلد والثانية بعنوان «ضب سلاحك» كنداء من أجل المصالحة وترك السلاح.

وأكد المخرج الإذاعي مازن لطفي ازدياد النشاط الدرامي خلال الأزمة في اذاعة دمشق قائلا إن الأزمة لم تؤثر على كم الإنتاج الدرامي للإذاعة بل حاولنا أن نستقطب أكبر عدد من الممثلين خلال هذه الفترة ومنهم صبايا وشباب موهوبون .. وبشكل عام أفسح مخرجو الإذاعة المجال لشريحة الشباب كي يعملوا في الإذاعة بعد أن تراجع العمل في الدراما التلفزيونية.

وأوضح مخرج ظواهر مدهشة أن النص في الإذاعة هو الذي يستقطب فرصة العمل فأحيانا يحتوي النص على خمس عشرة شخصية فيما يحتوي أحيانا أخرى على خمس وعشرين شخصية ليكون المجموع على مدى شهر مئة شخصية وبذلك أكون قد ساهمت في خلق مئة فرصة عمل.. وفي الإذاعة حاليا ما يقارب اثني عشر برنامجا دراميا ما يجعلني أقول بثقة أن الإذاعة كثفت نشاطها خلال الأزمة وخصوصا بوجود دائرة التمثيليات التي أوجدت زوايا يومية يؤديها بجدارة فنانون نجوم كرفيق سبيعي وأحمد خليفة وعبد الفتاح مزين ونزار أبو حجر.. إذن لدينا كم من الإنتاج الإذاعي الذي لم يأت من فراغ بل كان موجودا من قبل وخلال الأزمة صار هناك ضخ لتنشيط الحالة الدرامية.

وترى الفنانة نجاح حفيظ التي تشارك حاليا في برنامج حكم العدالة أن الإذاعة هي مفتاح الفن لأنها تقوم على إقناع المستمع بأنه يرى الممثل وإقناعه بالحركة والموقف من خلال الصوت لذلك يفكر الممثل جيدا بما يقدمه ويقوله وكيف سيؤدي الشخصية التي ستصل إلى المستمع بكل تفاصيلها من خلال الأذن فقط وهنا يأتي دور المستمع الذي يقيم الأداء فالعمل في الإذاعة ليس بالسهولة التي يتصورها البعض ويكاد يكون أصعب من العمل في التلفزيون فالإذاعة هي مرآة الفنان الذي عليه أن يطور نفسه باستمرار في الإذاعة لكي يصبح فنانا ناجحا في التلفزيون.. والممتع في الإذاعة هو تنوع الشخصيات التي يؤديها الفنان ما يوصله إلى درجة الإشباع.

الفنان بسام لطفي يشعر بالامتنان لإذاعة دمشق التي احتضنت الفن والفنانين منذ الستينيات ولم تتخل عنهم مشيرا إلى أن عدد البرامج الدرامية زاد في فترة الأزمة ما أتاح الفرصة لأكبر عدد من الفنانين للعمل فيها لكي لا ينقطعوا عن العمل في هذه الظروف الصعبة ولكي يستفيدوا ماديا ومعنويا.

وعن أعماله الحالية قال: أشارك بعدة برامج منها برنامج منارات إنسانية من إخراج ثراء دبسي وتأليف نهلة السوسو.. ومحكمة الضمير ومن الحياة من تأليف وإخراج فاروق حيدر وأنا في مسيرتي الطويلة لم أنقطع عن العمل في الإذاعة التي أعتبرها بيتي الثاني وأنا أحبها لأنها قدمت لي الكثير من الخبرة وتحسين مستوى الأداء ومهارة توصيل الصورة عن طريق الصوت ما يتطلب القدرة والمهارة والتدريب المستمر إضافة إلى الجدية في العمل الإذاعي والاحترام للعمل والدقة في التعامل مع النصوص والبروفات .. وأستطيع القول إن الدراما متقدمة في إذاعة دمشق لأنها حافظت على تقاليد العمل الإذاعي.

أما المخرج الإذاعي حسن حناوي رئيس دائرة التمثيليات في الإذاعة فقال إن تأثر القطاع الدرامي التلفزيوني بظروف الأزمة وخصوصا الأعمال الممولة خليجيا أدى إلى خروج الأعمال التي كانت تنتج في سورية الى بيروت والخليج ما أضاع الكثير من فرص العمل على الممثلين السوريين وخاصة الذين كانوا يعملون في التلفزيون فخسر الممثل الذي بقي في سورية ورفض مغادرتها فرصته في العمل فتم فتح الأفق في الإذاعة من أجل التعويض على هؤلاء الممثلين بفرص عمل جديدة من خلال إنتاج برامج درامية إذاعية ومسلسلات جديدة من أجل استيعاب هؤلاء الممثلين.

وأضاف حناوي: الكل يعلم أن فن التمثيل الإذاعي هو من أصعب الفنون وأن الإذاعة هي مدرسة حقيقية للممثل لكونه يعبر عن كل أحاسيسه بالمطلق من خلال الصوت فقط لذلك نرى الممثلين سعيدين بعملهم الإذاعي وبفتح أبواب الإذاعة بشكل كامل لهم حيث الفرصة متاحة للجميع كل بحسب إمكاناته وقدراته وطاقاته المهنية .. وفوجئ هؤلاء الفنانون بان الناس تتابع أعمالهم الإذاعية وتعرفهم من أصواتهم وصار لدينا برامج ذات تأثير جماهيري كبير مثل حكم العدالة ظواهر مدهشة محكمة الضمير .. وهي برامج لها صدى وردود أفعال من الناس الذين زاد حبهم للإذاعة .. فالإذاعة وإن كانت لا تقدم ثروة للفنان إلا أنها تضيف له الخبرة التراكمية.

ويقدم الفنان أحمد خليفة حاليا برنامج «أوراق بيئية» من إعداده وتأليف الإعلامي ميشيل خياط ومواضيعه مستمدة من الأزمة فهو يتحدث عن قطع أشجار الزيتون وسرقة المعامل ونهب النفط وتلويث البيئة وسرقة الحبوب وتوقف المشاريع الزراعية والبيئية.. كما يشارك في تمثيلية السهرة الأسبوعية من إخراج محسن غازي إضافة إلى حكم العدالة وحكايا عصرية من إخراج فراس عباس وظواهر مدهشة ونادي الفونوغراف الذي يتضمن ذكريات عن الفن والفنانين والأغنيات القديمة.. وألف أغنيتين لسورية الأولى بعنوان «ما منفرط ما منبيع» والثانية «يا سورية حماكي الله» غناها عصمت رشيد مؤكدا أن عمل الإذاعة أصبح أكثر نشاطا خلال الأزمة وأن الأعمال الدرامية استطاعت مواكبة الحدث ومحاكاة الواقع وخاصة التمثيليات لما فيها من حيوية وواقعية.

فيما قال الفنان محمد الشماط إنه عاد بعد غياب سنوات خارج البلد مدفوعا بحب الوطن وتراب الوطن وجبال الوطن ليضع يده بيد زملائه في تنشيط العمل الدرامي والعمل ليل نهار متمنيا أن تعود سورية أفضل من قبل .. وأضاف أن الإذاعة السورية قدمت الكثير لكل الناس وهي بمثابة صلة الوصل بين المواطن والفنان وكل من يعمل فيها هو جندي مجهول.

ويشارك الشماط الذي اشتهر بشخصية أبو رياح حاليا في حكم العدالة وعجايب وغرايب من إخراج مازن لطفي.

أما الفنان رفيق سبيعي فقال إن نشاط الإذاعة لم يتوقف يوما وأن برنامجه «اقعود لنتفاهم» يعتبر بمثابة تعليق سياسي حول الأزمة باللهجة العامية كما يستمر في تقديم برنامجه «حكواتي الفن» منذ خمسة عشر عاما حتى الآن.

ويؤكد الفنان فراس حسن الذي يشارك في حكم العدالة وظواهر مدهشة وكل يوم حكاية وحكايا عصرية أنه عمل في الإذاعة في فترة الأزمة أكثر من قبل بكثير مشيرا إلى أن دائرة التمثيليات عملت على استقطاب عدد أكبر من الممثلين وتأمين الفرص لهم بشكل عادل.

وبالعودة إلى بدايات الأعمال الدرامية الإذاعية نجد أن التمثيليات التي كان يقدمها عدد من الفنانين الرواد كحكمت محسن وأنور البابا وتيسير السعدي وفهد كعيكاتي بأسلوب طريف ملتصق بالواقع وضعت اللبنة الأساسية والأرضية المناسبة للبرامج الدرامية التي نجحت إذاعة دمشق في جذب المستمعين إليها في الوقت الحالي.

وبالتالي لم يكن غريبا أن ينطلق عمالقة الغناء العربي كفيروز ووديع الصافي وعبد الحليم وفايزة أحمد من إذاعة دمشق التي تأسست في أربعينيات القرن الماضي والتي كانت وماتزال محتفظة بمكانتها وجديتها واتزانها ورعايتها للمواهب الفنية والأدبية والتصاقها بأحوال الناس ومعيشتهم وهمومهم الوطنية.


سلوى صالح

discover-syria.com

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق