تشكيليون سوريون يعبرون عن إرادة الحياة بمعرض الخريف

08 كانون الأول 2013

.

قدم نحو مئتي فنان تشكيلي سوري آخر أعمالهم الفنية في معرض الخريف السنوي الذي افتتح في المركز التربوي للفنون التشكيلية بدمشق وضم أعمالاً متنوعة من حيث التقنيات بين الرسم الزيتي والمائي والغواش والحفر والنحت كما تراوحت أحجام الأعمال المعروضة بين الجداريات الكبيرة والحجوم الصغيرة وبخامات ومعالجات فنية مختلفة إلى جانب التنوع بالمواضيع.

واستطاع المعرض هذا العام أن يرتقي من ناحية المستوى الفني للأعمال المعروضة عن العامين السابقين كما أن هناك أسماء مهمة عادت للمشاركة في هذه المناسبة السنوية التي اعتاد عليها الجمهور السوري منذ أكثر من ستين عاماً.

وقالت الدكتور لبانة مشوح وزيرة الثقافة لسانا بهذه المناسبة، إن المشاركة في معرض الخريف في العامين السابقين كانت ضئيلة وبمستوى متواضع وهذا يعود للظروف التي تعيشها سورية من آلام وجراح أما اليوم فإن المعرض انتقل نقلة نوعية وعاد إلى ألقه واللجنة الفنية المكلفة انتقاء اللوحات عملت على اختيار الأعمال الأكثر تميزاً.

وأضافت مشوح أن الفنانين التشكيليين السوريين قدموا نتاجهم الفني بتنوعه من ناحية الأساليب والتقنيات الفنية ليؤكدوا أن الأصالة السورية والإبداع السوري مستمران وأن سورية باقية رغم كل الظروف التي تعيشها.

وأشارت وزيرة الثقافة إلى أن الوزارة ستنتقي عدداً من الأعمال المتميزة في المعرض ليتم ضمها إلى مقتنيات الوزارة والتي سيتم العمل فيما بعد الانتهاء من الأزمة على إنشاء متحف للفن الحديث لعرض مقتنيات الوزارة للشعب السوري والعالم إضافة إلى توثيق مقتنيات هذا المتحف عبر موقع الكتروني متطور.

وقال الدكتور حيدر يازجي رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين «إن المعرض هذا العام يعتبر مهما مقارنة بالسنوات الماضية حيث قدم الفنان التشكيلي السوري أهم النتاجات الإبداعية لديه والدليل على ذلك وصول عدد الأعمال المشاركة لمئتي عمل في شتى أنواع الفن التشكيلي مبيناً أن هذا المعرض يعود لألقه بعد مضي ستين عاما على انطلاقه».

وأضاف أن التجارب الفنية التي قدمت في المعرض تعبر عن نضوج وبحث من أغلب الفنانين المشاركين وهذا ما يميز معرض هذا العام عن العامين الماضيين.

الفنانة جميلة كاترينا قالت عن مشاركتها بالمعرض إن العمل الذي قدمته يعبر عن معاناة المرأة في الظروف الحالية الصعبة التي تعيشها مبينة أن الأسلوب التعبيري يستطيع أن ينقل هم المرأة الذي ترغب بتقديمه.

وأضافت أن المعرض جاء معبراً عن حالة الفن التشكيلي السوري مع زيادة ملحوظة في عدد المشاركين عن العامين الماضيين وخاصة من جانب الفنانات.

من جهته بين النحات والناقد التشكيلي غازي عانا أن وصول معرض الخريف السنوي لهذا المستوى ضمن الظروف الصعبة التي تعيشها البلد أمر مهم ويعكس إصرار الفنان السوري على الاستمرار والحياة.

وقال إن بعض أعمال المعرض تناولت الأزمة الحالية بطريقة مباشرة إلا أن أغلب الأعمال كان أعمق في طرحه الإنساني والفلسفي وهذه مهمة الفن التشكيلي الحقيقية موضحا أن هناك تطورا في الجانب النحتي يبشر بالمزيد من الأعمال المميزة يوءكد استمرارية التوهج للحركة التشكيلية السورية مستقبلاً محلياً وعربياً.

وقالت النحاتة رنا حسين إن الأعداد الكبيرة من الأعمال المعروضة تعكس زيادة عدد الفنانين المشاركين باطراد سنوي مضيفة أن أهمية المعرض تأتي من خلال جمعه لمختلف النتاج التشكيلي للفنانين السوريين من رسم زيتي ونحت وحفر ورأت أن أعمال هذا العام تحمل جرأة في المواضيع ومحاكاة للأوضاع التي نعيشها مع محاولات مهمة في إيجاد حلول تقنية حديثة ومبتكرة ما يحسب للمعرض.

التشكيلي عبدالمعطي أبوزيد وصف المعرض بأنه قفزة نوعية مقارنة بالسنوات السابقة مبينا أن المستوى الفني الذي قدم في هذا العام مقبول وهناك محاولات لتطوير التقنيات لدى عدة فنانين حيث قدموا تجارب جديدة وأن هناك بعض الفنانين حاول محاكاة الواقع من خلال الألوان الصاخبة وبأسلوبية ملأى بالضجيج.

وقدمت التشكيلية ليلى رزوق لوحة لمجموعة من الأشخاص الريفيين بزيهم التراثي وقد عقدوا حلقة الدبكة بأسلوب واقعي وقالت «إن لوحتي تعبر عن منطقتي في الصقيلبية وعن الأزياء التي يرتديها الرجال والصبايا العازبات والنساء المتزوجات وهو زي تدمري قديم أحببت توثيقه في لوحاتي».

وأضافت أن المعرض جيد من حيث المستوى الفني ويضم أسماء من أهم الفنانين التشكيليين السوريين وبأساليب فنية متنوعة ومواضيع مختلفة مبينة أن الأزمة التي يعيشها الشعب السوري حفزت الجميع على العمل وإرادة الحياة وهذا ما يبدو من خلال عدد المشاركين في المعرض إلى جانب الحضور الواسع.

وقالت التشكيلية غادة حداد إن «المعرض فاجأني بالحضور الكبير ما يدعو للتفاوءل بمستقبل مشرق للحركة التشكيلية السورية»، مشيرة إلى أن الأعمال المعروضة جيدة من حيث المستوى أكثر من العام الماضي.

وأضافت أن الفن لغة خاصة تعكس حياة الفنان والناس ومن هنا يأتي هذا المعرض ليعبر عن إرادة الحياة لدى الفنان السوري والشعب السوري مؤكدة أن الحالة المسيطرة على الحركة التشكيلية السورية هي حالة طارئة ومؤقتة ولن تدوم.

وأوضحت حداد أن لوحتها الممثلة لحالة أنثوية خاصة بأسلوب واقعي تعبيري تعكس البعد الشديد عن الذات والذي يظهر جليا في عدم تفكير المراة بأنوثتها في زمن الموت.

وتحدثت التشكيلية لينا ديب عن لوحتها قائلة «إن لوحتي طقوس أوغاريتية مستمدة من رموز البيئة والحضارة السورية وضعتها بقالب فني يستوحي طقوس المرأة الأوغاريتية على الأختام الاسطوانية والرقيم المكتشف في أوغاريت مبينة أن المراة في عملها الفني قدمت بحالات بين التعبد والعمل وغيرها من شؤون المراة».

وأضافت أن تقنية الأختام والتنويع مع الألوان هي الأسلوبية التي تعمل عليها حاليا وتعمل على تطوير مهارتها فيها من خلال العمل على سطح اللوحة مباشرة مشيرة إلى أن الفن التشكيلي السوري عانى تراجعا في الأونة الأخيرة ولكنه مازال باقياً ويحوي تجارب مهمة ومجتهدة تعمل على خلق مساحة من الجمال والأمان واعطاء الأمل بالمستقبل.

وقدم التشكيلي أكسم طلاع عملاً حروفياً بتقنية جديدة توسطته دائرة ذهبية ترمز للشمس وقال إن الاتجاه الحروفي مفتوح على كل الاتجاهات الفنية ويستوعب تقنيات متنوعة وهي ثقافة بصرية جديدة على الساحة الفنية العربية تحتمل التطور باستمرار وأن تجربته الفنية قائمة على البحث الدائم.

وأضاف حول رأيه بالمعرض أن المعرض هذا العام جيد ويؤكد للجميع في الداخل والخارج وللأعداء قبل الأصدقاء أن الشعب السوري مبدع ويعشق الجمال والفن والحياة مبينا أن نتاج الفنان السوري يعتبر جزءاً صغيراً مما يعيشه الشعب السوري.

وأكد طلاع الأزمة شيء عابر والجمال شيء راسخ والحركة التشكيلية تنهض من خلال التزام الفنانين بالمشروع الوطني القائم على الجمال والحب والقيمة الفنية ما يخلق حالة ثقافية دائمة.

وقال التشكيلي علي الكفري على الفنان أن يمتلك دائماً شيئاً جديداً ليقدمه للناس وإلا يكون قد أفلس من مادته الإبداعية مبيناً أن على الفنان أن يدخل في كل فترة في تجربة جديدة ليكتشف طاقات مبتكرة تطور موهبته وتقدم عمله بأسلوبية متألقة وهذا يتطلب الجهد والمواظبة والاستمرارية.

وأضاف أن المعرض هذا العام لم يتميز عن سابقيه من ناحية المستوى الفني ولكنه مهم ليبرهن على قدرة الفنان السوري على الاستمرار في العطاء والإبداع.

من جهته قال الدكتور علي سرميني إن لوحته تمثل ملحمة لونية وتعبر عن الانفعال والصخب الداخلي وهذا جزء من معاناة الناس في وطننا والفن مهمته إسقاط الواقع عبر العمل الفني ليعبر عنه.

وأضاف أن مستوى المعرض مقبول بالنظر للأزمة التي نعيشها فالفن التشكيلي تأثر مثله مثل أي قطاع وطني من ناحية التراجع مبيناً أن تألم الفنان ومعايشته لواقعه ينتج إبداعاً مهماً.

التشكيلي أحمد أبوزينة قدم عملاً يحوي الكثير من الصخب والعبثية من ناحية الخطوط والألوان وقال إن «هذا الأسلوب هو امتداد لتجربتي السابقة واخترت اللون الأسود بخطوط منحنية في زاوية العمل للتوازن مع المساحة البيضاء الهادئة في أسفل اللوحة وهي تحوي الحب والعمل».

وأضاف «أن الظرف الذي تعيشه سورية سينتج عنه أعمال ترد على كل الدمار والقتل الذي عشناه»، مبيناً أن الحركة التشكيلية السورية لم تتراجع والفنانون السوريون يعملون ولكن لا ظروف مناسبة للعرض وهذه الأعمال ستخرج في المستقبل للنور.

وقدم التشكيلي محمد وهيبي لوحة بأسلوب غرافيكي متجدد وقال إن أهمية هذا المعرض تأتي من خلال الأعمال الجديدة التي يقدمها والتي تعبر عن رسالة للجمهور السوري للحفاظ على الجمال والثقافة وللدفاع عن الإنسان كقيمة مطلقة للجمال.

وأضاف ان الأعمال متنوعة أسلوبيا وتقنيا ولكنها متقاربة إنسانياً ولوحتي هي جزء من سلسلة حول اللامرئي والتي تنقل الفكر من الداخل الى انتاج يبصر الضوء على سطح اللوحة هذه هي وظيفة الفن من خلال الحوار الروحي بين الفنان ولوحته والجمهور.

وعبر وهيبي عن أهمية العمل الشخصي للفنان ليصب في النهاية في بوتقة الحركة التشكيلية كلها ما يعكس تطورها وخصوصيتها مبينا أن فرصة العرض للفنانين هي أمر مهم وخاصة في ظل الأزمات فالفن هو عمل تراكمي وعميق ويجب ألا يتعامل مع الأحداث على أنه وسيلة إيضاح.

وقال التشكيلي إسماعيل نصرة «إن ابتعادي عن المعارض في السنوات الماضية جاء بسبب ظروف العرض غير المناسبة وللإرباك في عملية اختيار الأعمال المشاركة»، مبيناً أن عدداً كبيراً من الفنانين الذين ابتعدوا عن المشاركة مؤخراً عادوا وقدموا أعمالا جديدة ومتميزة.

وعبر عن رغبته في تقديم حوارية جميلة بينه وبين طفلة اسمها كارلا فالطفل يملك عفوية وفطرية جميلة اعادته للخطوط البسيطة وهي رسمت ثلاث ألعاب بالألوان وهو رسم ثلاث نساء بأسلوبيته التعبيرية ذاتها بالوان رمادية.

وأشار نصرة إلى أن وجود حركة عمل في الساحة التشكيلية السورية يعتبر اداة حياة ويجب ان يستمر مبينا أن الصالات الفنية يجب أن تعود لتفتح أبوابها للجمهور ويجب تغيير العقلية من الربحية نحو تشاركية مع الفنان ولصالح الجميع.

وقالت الطفلة كارلا 6 سنوات «تعلمت الرسم عند الفنان إسماعيل وأحببت أن أرسم معه في لوحته وقبل أن أرسم ثلاث فتيات هن ألعابي اخترت الألوان الجميلة الزاهية لهن».


اكتشف سورية

سانا

Share/Bookmark

صور الخبر

معرض الخريف السنوي لـ مئتي فنان تشكيلي سوري

معرض الخريف السنوي لـ مئتي فنان تشكيلي سوري

معرض الخريف السنوي لـ مئتي فنان تشكيلي سوري

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق