الدكتور الناقد عاطف بطرس: «الرواية تاريخ من لا تاريخ لهم»

11 تشرين الثاني 2013

.

يعتبر الدكتور الناقد عاطف بطرس أن استلهام الروائي للتاريخ لا يعني إعادة سرد الحوادث كما حصلت في الواقع مع العلم أن الرواية من أقدر الفنون الأدبية على تسريد العالم والتاريخ.

وفي محاضرة بعنوان الروائي والمؤرخ أقامها المركز الثقافي بجرمانا مساء أمس بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب لريف دمشق تطرق بطرس إلى العلاقة بين الروائي والمؤرخ وقال إننا لسنا بحاجة لتاريخ يكرر الوقائع المعروفة وإن العودة إلى حاضنة التاريخ لا تقدم جديداً إذا لم تجب على أسئلة الحاضر لتساهم في صياغة المستقبل بوصفه ماضياً سيأتي في سياق كتابة قراءة جديدة للتاريخ موضحاً أن قراءة التاريخ خاضعة بالضرورة للتصورات المزامنة للحظة الكتابة.

والتاريخ حسب ما أتى به بطرس كتب تحت وطأة الهيمنة في مراحل التدوين المتعاقبة وهو بالتالي يعكس وجهة نظر كاتب أو وجهة نظر القوة الحاكمة التي لا تكتب ضد مصالحها وتسعى إلى تعميم نمط تفكيرها حيث يكون التاريخ في نظر هؤلاء لا يعرف الخطأ.

وربط بطرس بين الروائي والمؤرخ لأن كلاً منهما يقارب عمله بمنجزات مسبقة تمليها عليه ثقافته ومواقفه وأهواؤه إلا أن النص الروائي يجب أن يتفاعل مع المخزون المعرفي أمامنا كقراء ليتجاوز النص ذاته إلى ما يقع خارجه وصولاً إلى المفهوم الذي أنتجته الرواية فينتقل إلى الحاضر الراهن ليتجلى التاريخي فيه على نحو يفارق النص ماضيه ويفقد الواقع أشياءه لتنشأ علاقة تشاركيه تفاعلية فيما بينهما.

وقال إن الروائي يلجأ إلى المتعة أكثر من الفائدة بطرائقه وأدواته وأسلوبه ولغته وعندما يصبح اختيار الشكل عملية تاريخية تخدم التقدم والانتقال من القديم البالي إلى جديد الحديث نصل بذلك إلى التطور.

وبرأي بطرس يختلف السرد الروائي عن التاريخي لأن الرواية تخرج إلى وظائف أخرى أساسها الانزياح والتخييل والانفتاح الدلالي لأن الرواية أصلاً عمل تخييلي بنائي في إطار من الواقعية فالروائي يعيد كتابة التاريخ عندما يقوم بتأويله وتقديمه عن طريق شخصيات حية من لحم ودم محدداً لها خصائصها الفردية وسماتها المائزة.

ولفت المحاضر بطرس إلى أن التاريخ الوحيد الواجب كتابته هو تاريخ الضحايا المتجانس في كل الأزمنة لأننا بحاجة إلى ولادة تاريخ آخر يقوم على العدل لا على الابتعاد عن الحق ولا يستخدم القوة لأن جوهر المنتصرين هو الحروب والكوارث مؤكداً أن الروح الإنسانية لا تظفر براحتها إلا بتاريخ مغاير يقوم به الروائيون بما يملكون من حس إنساني وتعاطف مع المضطهدين فالرواية تاريخ من لا تاريخ لهم.


محمد الخضر

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق