وديع الصافي تركنا وصار «قطعة سما»

12 تشرين الأول 2013

ليت أحدهم يملك آلةً للزمن ليعيدنا إلى الخمسينيات، وتحديداً أيام الوحدة بين سورية ومصر، لنتابع بمتعة مشهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يستقل طائرته من القاهرة إلى دمشق، كي يحضر إحدى حفلات وديع الصافي. للراحل حكاية طويلة مع عاصمة الياسمين قد تكون بدايتها سنة 1952، عندما أطلق أغنية لحنها بنفسه هي «عاللومة اللومة» من إذاعة دمشق.

قلب الراحل توقف عن النبض، وهو لطالما خفق عشقاً للشام وهوائها. مرة، قال «أعتذر من الشعب اللبناني، فالشعب السوري يحبّني حتى القداسة». وبالفعل، كان لأغنيات الصافي وقع خاص في نفوس السوريين، كلما اشتدت المصائب على عاصمة الأمويين، سمعت صوته يصدح من نوافذ البيوت «يا ابني بلادك قلبك عطيها.. وغير فكرك ما بيغنيها». هي الكلمات التي غرّدت بها المغنية السورية فرح يوسف فور انتشار خبر رحيل الصافي أمس، وكلما «راح الغوالي» في زمن الموت المجاني، شاركهم العملاق بصوته وهو يصدح بهذه الأغنية.

عرف المسؤولون السوريون قيمة صاحب «يا بيت صامد بالجنوب»، فاهتم القصر الجمهوري به، وأُفردت له مكانة خاصة وحجزت له دعوات دائمة إلى مهرجانات وحفلات رسمية، وكان يلبي الدعوة سريعاً. حتى عندما مرض ذات مرة، أصر الرئيس السوري بشار الأسد على معالجته على نفقة الدولة في مستشفيات دمشق سنة 2008، فأثار قبول الصافي حنق بعض السياسيين اللبنانيين، وحاولوا إعادته إلى بيروت، لكنّ عائلته رفضت. عرف الصافي كيف يحفظ الوفاء، فغنى «سورية وطن السلام». وعلى العهد، بقي الصافي وفياً حتى بعد اندلاع الأحداث، فلم ينافق ولم يركب الموجة كما فعل كثيرون، بل اختار موقفاً واضحاً وغنى للرئيس الأسد شخصياً «إلاك لا أمل».

خبر رحيله أمس حوّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى جدران علّق عليها النجوم السوريون حنينهم إلى أغنياته، وحزنهم على فراقه، وصوراً نادرة له، ومقاطع خاصة من أغنياته، إضافة إلى صورة «سلطان الطرب» جورج وسوف وهو يقبّل يده. كتب أيمن زيدان على فيسبوك: «هي الذكريات والدروب التي نزحت عني برحيلك. كم سأشتاق إلى التجلي بعد غيابك أيها الكبير». وهنا، انتبه أحد الصحافيين إلى أنّ «وديع الصافي برحيلك وحّدت السوريين هذا المساء». أما شكران مرتجى، فكتبت «رحل عصفور النهرين وليلى تبكي بعدما راحو الغوالي ولبنان سيبقى قطعة سما وعلى رمش عيونها دموع الفراق».


وسام كنعان

الأخبار اللبنانية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق