تشكيليون: حرب تشرين التحريرية أثبتت هويتنا الأصيلة

06 تشرين الأول 2013

.

يتطلع الفنانون التشكيليون دائماً لتجسيد تحولات المجتمع السياسي والإجتماعي ليكون الفن تعبيراً صادقاً عن الواقع وسجلاً لتاريخ الوطن. ضمن هذا الإطار عمل الكثير من الفنانين التشكيليين السوريين منذ عام 1973 على مقاربة حرب تشرين التحريرية من زوايا كثيرة في مختلف أشكال التعبير مقدمين أعمالاً خالدة في التصوير والنحت والأعمال البانورامية الكثيرة.

الفنان التشكيلي عاصم زكريا يقول في الذكرى الأربعين لحرب تشرين: «إن بناء الشعوب وتقويتها وشد أواصر أبنائها لا يتم إلا من خلال إنجازات الحروب، فالحروب تظهر معادن الرجال وتصقل العزائم فالوطن العربي بصورة عامة بعد فترة الخمود لابد له من صراعات مع هذا العدو الذي زرع في قلب العروبة».

وعن رأيه وشعوره بحرب تشرين التحريرية، قال الفنان التشكيلي محمد فريد جلال: «إن حرب تشرين التحريرية زرعت في نفوسنا كثيراً من الأمل بأن تاريخنا ليس صدفة بل هو واقع صنعه أجدادنا. لقد وجدتُ فيها استمرار شخصيتنا العربية الأصيلة ومقدرتها على مواصلة الحياة وتحقيق الانتصارات واسترجاع الحقوق وكسر شوكة من يعتدي علينا، لذلك قمتُ بتجسيد أدوات الحرب والمعركة لتكون هاجساً لمن سيأتي بعدنا، وهم بحاجة لنقول لهم الحقيقة التي قالها لنا آباؤنا».

أما النحات هادي عبيد فقد رأى أن حرب تشرين التحريرية جعلت العدو يتآمر علينا منذ ذلك الحين لأنه أدرك أن مصيره لابد أن يزول، بعد أن رأى إصرار شعبنا السوري على التصدي له والوقوف في وجه غطرسته وكسر شوكته: «فمنذ ذلك اليوم وهو يحيك لنا المؤامرات ونحن نعمل على التصدي لها وإحباطها، وهو يعلم أن سورية قادرة على حماية نفسها منه ومن سواه، وهذا ما عبرنا عنه في كثير من لوحاتنا ومنحوتاتنا ومعارضنا خلال كثير من الأنشطة التي شاركنا فيها».

وأوضحت النحاتة والفنانة التشكيلية دارين شلق أن «الفنانة المرأة لم تكن أقل اهتماماً من زميلها الرجل في التعبير عن مشاعرها تجاه حرب تشرين التحريرية في كافة الأجناس الفنية، سواء كان ذلك في النحت أو الرسم أو حتى التصوير، لأن حرب تشرين هي التي أثبتت هويتنا الأصيلة وجعلتنا نحترم أنفسنا كسوريين، وهذا ما أردناه في أعمالنا الفنية وما سنقدم عليه».

واختلفت الرؤى الفنية والوسائل في التعبير عن حرب تشرين التحريرية بحسب الفنان التشكيلي عبد الرحمن مهنا «فهناك من عبَّر عنها بالنحت وهناك من عبَّر عنها بالرسم بأشكال مختلفة سواء كان بالأسلوب التعبيري أو التجريدي أو الواقعي أو غير ذلك من الفنون، حيث تلتقي رؤى كثيرة لتتوحد في معارض أو لقاءات يراد منها رغبة الفنان السوري بأن يعرف العدو بأنه قد يتكرر تشرين في كل عام، وهذا ما يختلج في مشاعر وعواطف كل فنان وفق إرادته الدائمة ورغبته المستمرة بأن يكون ذلك».

وقالت الفنانة التشكيلية مفيدة ديوب: «لا بد لنا من أن نتذكر أمجادنا السالفة نستمد منها القوة، لأن انتصارات تشرين وما حققته من بطولات وأمجاد هو رصيد تاريخي لنا لا بد له من أن يظهر بشكل عفوي في الأسس التي تتكون منها لوحاتنا، حتى إذا مرت الايام ننقل من خلال هذه اللوحات لأحفادنا وأبنائنا تراثنا وحضارتنا وكيف كنا نذود عن بلادنا، ولا يخفى على أحد أن حضارة الأولين وانتصاراتهم عبّر عنها الفنانون والكتاب من خلال ما وصلنا عبر التاريخ».

وتعني حرب تشرين التحريرية بالنسبة للفنانة والنحاتة رشا ديب الأمل الكبير أن يعيد العرب تفكيرهم بحماية كرامتهم مرة أخرى، كما فعلوا بحرب تشرين حتى لا تتكرر المؤامرات التي تتعرض لها سورية والأمة العربية، وقالت: «نحن كفنانين لا بد لنا أن تكون لنا تماثيلنا ولوحاتنا صارخة لإيقاظ الضمائر النائمة، فلا يمكن لنا أن ننكر مدى ما تتضمنه بانوراما حرب تشرين التحريرية بما خلدته إلى الأزل من لوحات ومنحوتات وصور عكست ما فعله آباؤنا منذ سنوات أمام عدو لا يفهم للإنسانية معنى، وعلينا نحن كفنانين رصد ما تفعله أدوات الصهاينة من محاولات تخريب وتمزيق لبلدنا».

من خلال الوجوه التي اهتمت برسمها، ترى الفنانة التشكيلية الدكتورة ميساء الدرزي أن «الشجاعة يجب أن تتجلى دائماً في لوحاتنا ورسوماتنا لأن حرب تشرين التحريرية علمتنا أن نخرج من بداخلنا بعد أن أصبح رمزاً يحثنا على التحريض من أجل تشرين آخر، ولا يخفى على أحد دور الفنانين والنحاتين في تأجيج العواطف ورصد ما يدور على أرض الواقع، فلا يمكن أن يغفر لفنان أو فنانة لحظة صمت يمكن أن تنتابهم. فكم أبدع أولئك النحاتون والفنانون الذين ملأوا ساحات سورية بتماثيل النصر والرسومات التي تعبر عن البطولة والفداء!».

بدوره قال الفنان التشكيلي أحمد جرعتلي: «لقد كانت حرب تشرين التحريرية مفصلاً هاماً في تاريخ أمتنا العربية، الأمر الذي كان له انعكاس على الحركة الإبداعية شعراً وأدباً وتشكيلاً. فالعديد من مبدعينا قد جسدوا بطولات حرب تشرين، وتألقت في إبداعهم التشكيلي وأخذت خصائص واقعية تعبيرية بما يتناسب مع طبيعة الحدث وقامته السياسية».

ونظمت الدولة معارض دورية لحرب تشرين التحريرية عبر فيها الفنانون عن رؤيتهم للحدث، كما كان هناك تغريدات هامة في مجال الإبداع أبرزهم الفنان غازي الخالدي الذي التصقت أعماله بالقضايا العربية الاجتماعية، ومن أهم أعماله «ملحمة حرب تشرين التحريرية«» بقياس 400×220سم أكد فيها على الرموز الوطنية بعيداً عن أثر المنظور التقليدي بصورة واقعية. أما العمل الأبرز فكان للفنان علي الصابوني الذي قدم أعمالاً هامة منها «تحرير القنيطرة» بروح تعبيرية مستخدماً الظل والنور بحس عال. وثمة تجليات أخرى لحرب تشرين التحريرية لدى الكثير من الفنانين، مثل محمد أبو خالد، علي السرميني، إضافة لذلك كان للملصق السياسي دور في تجسيد الحدث السياسي البارز في تاريخ أمتنا.


محمد الخضر وشذى حمود

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق