فنا الرسم والنحت.. علاقة جدلية بين التشابه والاختلاف

03 آب 2013

بين الريشة والإزميل قصة فن وحكاية إبداع تتجسد بلوحات رسم ومجسمات نحت تطرح جدلية العلاقة بين النحت والفن التشكيلي التي يراها بعض الفنانين الشباب علاقة متشابهة تحت مسمى الفن بينما يرى آخرون أن لكل منهما صفاته وميزاته الخاصة.

وحول هذه الجدلية وإمكانية أن يكون الرسام نحاتاً والنحات رساماً استطلعت «سانا» آراء بعض الفنانين الشباب حيث يرى النحات محمد فريد جلال أن النحت هو أهم وأصعب الفنون على الإطلاق نظراً لما يحتويه من معان تعبر عن مرحلة حياتية معينة يعيشها المجتمع في بيئته فتحمل المنحوتة كثيراً من تحولات المجتمع وتطلعات حياته وذلك بمقاييس ودقة متناهية تتطلب موهبة شديدة القوة وكثيفة الثقافة وشديدة التقنية.

وحسب جلال فإن من المفترض أن تكون المنحوتة الفنية دقيقة المقاييس والأبعاد وتحمل في جوانبها المعاني الحسية التي يريدها الفنان ويجب أن تبقى المقاييس والنسب التكوينية دقيقة مهما اختلفت المادة المستخدمة في النحت سواء أكانت حديداً أم خشباً أم برونزاً أم أي مكون طيني.

ويضيف.. «إن النحات وبشكلٍ عفوي فطري غالباً ما يتقن الرسم كونه لا يحتاج إلى المشقة التي يتطلبها النحت مشبهاً حالة النحت بالشعر فالشاعر الذي يكتب قصيدة الشطرين بمقدوره كتابة كل أنواع الشعر وكذلك النحات المجد يمكن أن يتقن كل أنواع الفن التشكيلي سواء أكان تعبيرياً أم تجريدياً.

من جهته يؤكد النحات باسم الخضر المختص بالنحت على الحجر أن النحت على الحجر يحتاج إلى تركيز شديد وقدرة فنية فائقة فهو من أكثر أنواع الفنون صعوبة وتعقيداً فالأجداد عبروا من خلال النحت على الحجر عن كثير من مكنوناتهم ولهذا وصلت إلينا أسس حضاراتهم ومعاييرها، مشيراً إلى اختلاف الحالة التعبيرية بين الرسم والنحت فالعمل المنحوت قد يتطلب إنجازه أياماً معدودة فهو يمكن أن يحمل أكثر من فكرة وقد يتمكن النحات من خلال تمثال أن يعبر عن عدد من القضايا التاريخية والاجتماعية؛ أما الرسم فهو حالة قد تكون إنسانية أو كونية أو تاريخية وتبقى محدودة الأفق.

وتشترك الفنانة رشا ديب الحائزة جائزة إيران للنحت مع رأي جلال حيث ترى أن هذا النوع من النحت لا يتشابه ولا يرتبط بالرسم التجريدي لأن النحت يحمل قضية أو قضايا وأفكاراً واراء تتجمع في مكان واحد أما الرسم فيحمل رؤية ترتبط بحالة واحدة، وتوضح ديب أن النحت التجريدي لا يرتبط بالرسم لأنه في أكثر الأحيان يعتمد على التكوين وهذا النوع يتطلب مهارة في التكوين وخبرة في الاكتساب ويكون هذا المنجز مبتكراً في حينه وفق المهارة المتوفرة عكس النحت التعبيري الذي يعبر عن حالة تشبه حالة الرسم لذلك فالطرائق والأدوات مختلفة.

فيما يرى النحات هادي عبيد أنه من الأفضل أن يكون الفنان حالته على الورق ولو بشكلٍ بسيط ويفكر بأبعادها ومقاييسها ومتطلباتها وما هي الأدوات التي يمكن استخدامها، مبيناً أن كل نوع من الكتل الصلبة يتطلب طريقة مختلفة فالذي يستخدمه في نحت الحجر كالإزميل يختلف عن الذي يستخدمه بالخشب ويستخدم الأصابع في المكون الطيني وهذه أشياء تتطلب إعطاء الحالة تصوراً مسبقاً على الورق، معتبراً أن النحات لابد له من امتلاك موهبة الرسم.

وتختلف الفنانة دارين الشلق في رؤيتها للنحت والفن التشكيلي عن الآخرين وترى أنه برغم وجود وتلازم الموهبتين معاً فإن النحت عندها يختلف تعبيرياً وبنيوياً عن الرسم وإن كان لكل منهما حالاته وطرائقه فللنحت أدوات متعددة لكن له شكل واحد أما في الفن التشكيلي والرسم يمكن أن تكون الألوان متبدلة ومختلفة وتعطي دلالات مغايرة خلال المزج واستخدام الريشة، موضحة أن لكل منهما متعته وأهميته ودلالاته وإن وجود النحت والرسم عند فنان واحد يعود لوجود القدرة على الأصعب والأشمل فالنحات بالضرورة هو رسام وليس ضروريا أن يكون الرسام نحات ولاسيما إذا كان أسلوبه تجريدياً.

بينما ترى الفنانة عبير أسبر الفن التشكيلي حالة خاصة لها الكثير من الوسائل والمقومات التي توءهل اللوحة لأخذ مكانة اجتماعية وإنسانية وتاريخية.

وتقول.. «إن موهبتها في الفن التشكيلي أهلتها لكثير من النجاحات والمشاركة في كثير من المعارض إلا أنها لم تدعها حتى الآن للعمل في النحت وهي تقدر النحت وتعتبره نوعا من أنواع الفن العريق والأصيل الذي حقق مكانة هامة عبر التاريخ بما حمله إلينا من رؤى وعادات كان يعيشها الإنسان في الماضي».


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق