«تحولات» علي سليمان: صور شعرية آلية بلغة أدونيسية

30 حزيران 2012

.

(أيها المرتدي غيمة.. المحال.. المسافر خلف الذي.. لا يطال..) بهذه السجعة بدأ علي سليمان قصيدته الأخيرة من مجموعته /تحولات/ كتحية إلى أستاذه بل مرجعيته الشعرية أدونيس الذي أغنى الشعرية العربية تنظيرا وقولا شعريا حداثيا فأصبح صاحب نهج في الكتابة حاول ويحاول كثيرون تمثل لغته وصوره وهنا في مجموعة سليمان الصادرة عن دار التكوين لم يوفر ما رسخ في ذاكرته من شعر المعلم بصوره ولغته وأفكاره إلا وتمثلها بشكل يعطيك انطباعا سريعا بأنك لا تقرأ جديدا فهذا الكلام وهذه الصور مرت معك في قديم الزمان وبقليل من التركيز يمكنك أن تحيله إلى منهله الأصيل.

ويقوم سليمان في ديوانه الجديد بتحرير واستيلاد صور شعرية وتراكيب من مخزونه عن صاحب "مفرد بصيغة الجمع" وذلك بطريقة آلية عبر تخزين الكثير من شعر أدونيس في الذاكرة وإعادة إنتاجه بشكل غير أصيل يجعل القارئ يعرف ماذا سيقرأ بل يمل قبل أن يقرأه وهذا بين في "تحولات" علي سليمان الثابتة على متصور شعري وإن كان له عظمته حينها إلا أنه أصبح من منظور أكثر حداثة بائدا اعتاش على القضايا القديمة القومية والوطنية والفكرية والجمالية والتي استطاع جيل الثمانينيات وما بعده الانزياح عنه والخروج منه إلى معان فريدة فردية وشخصية تبرز فيها جماليات معيشية ووجودية يومية.

سليمان لم يتخلص من جلابيب تلك الفترة التأسيسية في تحديث الشعر العربي فكان وفيا مثل كثيرين لذاك التراث الحداثي وفاء محمود سامي البارودي للمتنبي ووفاء أحمد شوقي والجواهري وغيرهم من الشعراء التقليديين للتراث الشعري العربي القديم الفصيح الموزون المعتمد على البلاغة القديمة فكان وكانوا رجعا لغيرهم فها هو سليمان يطرح موضوع القلق الوجودي والمعرفي في قصيدته الافتتاحية "تحولات الشاعر" كما طرحه سابقا معلمه وبصور ومعان مكررة عنه.. ساكن في فضاء السؤال.. فلا تسألي عن يقيني.. موطني غربتي ويقيني ظنوني.

وفي القصائد الأولى ضمن المجموعة والتي يمكن أن نسميها بالمتحولات نسبة إلى عناوينها الموحدة كتحولات الشاعر والأنثى والوجود والزمن.. يتماهى /سليمان/ مع صاحب /أغاني مهيار الدمشقي/ بدرجة كبيرة ففي /تحولات الزمن/ سنقرأ.. زمن تسيره الغرائز والجنون.. زمن تحولت القلوب به.. مضخات من الأحقاد.. زمن جذام الروح.. سيتبادر إلى ذهننا ليس الشاعر الأصيل بل كتابه /الكتاب.. أمس المكان الآن/ الذي كشف فيه أدونيس التاريخ العربي السياسي وهجاه.

ثم يعود سليمان في بقية قصائده وبالنفس التقليدي ذاته لكن هذه المرة على مقام محمود درويش فيطرح قضية فلسطين والمقاومة من خلال عدة قصائد إحداها /رسالة إلى الغزاة الإسرائيليين/ عبر تناص لقصيدة /عابرون في كلام عابر/ بتحويلها إلى مجرد كلام عابر فيقول.. أيها العابرون إلى جنة الله.. إلى أرض ميعادكم.. في بحار الدماء.. أيها القادمون إليها.. على متن دبابة وراجمة وبارجة.. وهكذا وبهذه الأشكال تجري مضامين نصوصه الباقية ومنها الأخيرة التي حيا بها شعراء لم يكونوا صدى لغيرهم كنزار قباني وأمل دنقل وأدونيس ولم ينس التشكيلي المبدع فاتح المدرس حياهم بكلام نثري سردي يفتقر إلى أصالة شعرية لها شخصية كتابية مختلفة تبحث فيما تكتبه عما لم تأت به الأوائل.


سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

بيسا:

رائع لم اتناوله من قبل

سوريا