التشكيلي بطرس المعري يقدم معرضه الجديد «تجليات في أوقات الفراغ»

17 أيار 2012

في غاليري تجـليات بدمشق

برعاية الدكتور رياض عصمت -وزير الثقافة- افتتح في غاليري تجـليات بدمشق معرض للتشكيلي بطرس المعري بعنوان: «تجليات في أوقات الفراغ».

بداية نقتبس من كلمات التشكيلي بطرس المعرض هذه الكلمات حول اسم المعرض: «تجوّلَتْ عينا جاري هنا وهناك خلال زيارته الأولى للمرسم ولم تثر اهتمامه أية لوحة من اللوحات المرمية في زواياه بل كان يبحث عن شيء ما لا علاقة له بالرسم. قال لي أنه لا يراني كثيراً في المرسم، فشرحت له أنني أدرّس صباحاً في كلية الفنون الجميلة وبعد الظهر أو في المساء آتي إلى المرسم ولكن ليس بشكل منتظم... فقال لي: أي ترسم في أوقات الفراغ. فقلت له، وكنت كمن تلقى صفعة: الأمر ليس كذلك، ولكني في الصباح أمارس عملي كمدرس في الجامعة. فقال: فهمت، يعني عندما لا يكون لديك عمل ما تأتي لترسم. فاكتشفت حينها أنني رسام "وقت الفراغ" ربما على مثال رسامي يوم الأحد الفرنسيين».

يتقاطع التشكيلي بطرس المعري مع حكواتي الحارة الدمشقية بما يقدمه من تصورات وحكايات مزج من خلالها بين تصوراته الشعبية والتراث المشرقي مستفيداً من دهاليز حكايتنا اليومية، بما قدمه من أعمال ترسم خطوط حكاياته وتصويراته الشعبية ضمن قالب سردي وفق سينوغرافيا تنثر شخوصها بين زوايا اللوحة التشكيلية.


من أجواء المعرض في غاليري تجليات


من ذاكرته الخارجة من رحم الشرق بما يحتويه من دلالات الطربوش الذكوري، مروراً بأساطير عنترة والزير وشيبوب، وعبلة المسترخية على حصانها، يوظف التشكيلي أساطيره بوعي مدرك لمدلولات الفحولة و«سي السيد» كما في رائعة نجيب محفوظ «بين القصرين»، ويذهب الفنان المعري أبعد من ذلك في تحرير شخوصه صاحبة الطربوش نحو مكاشفات يومية راهنة، كما في لوحة «حبّوا بلدكم»، و«أحبك»، و«الولد ذو الطربوش الأخضر».

كما يأخذ التشكيلي من المقهى والهم السياسي والاجتماعي والأدبي أعمالاً تغوص في فلسفة فكرية يتكأ عليها في تنفيذ الأعمال حيث جاءت عناوين أعماله كفيلة في تقديم تصوراته الشخصية وتأثره بعمالقة الأدب العربي كما في لوحة «الماغوط والسياب»، «عمر الخيام»، «كتاب لأنسي الحاج»، و«كتاب مدارات أدونيس».

يشرح ويبسط، وفي نفس الوقت يقدم ما هو غني بصرياً وكأنه يلعب لعبة الحكواتي نفسه بما يقدمه من متخيل يتحكم هو نفسه (الفنان) بتفاصيل موضوعاته وشخوصه المتدلين والمعلقين والمتحاورين في «جلسة متة»، كما تحمل أعمال الفنان بطرس المعري نوعاً من التهكم على السيرة الاجتماعية الجمعية، فيقدم دراويشه ومهرجيه الذين حملوا حالات تعبيرية واضحة ترسم لهؤلاء الشخوص سيرهم الذاتية، فلا هم يغيبون ولا يغيب الراوي معهم.


التشكيلي بطرس المعري


«اكتشف سورية» تابع حفل الافتتاح والتقى التشكيلي بطرس المعري، وفي سؤال عن المختلف بين مجموعته السابقة «دفتر إقامة» ومعرض «تجليات في أوقات الفراغ» يقول: «معرضي السابق حمل عنوان "دفتر إقامة" في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، وهو محطة من سيرتي المهنية تناولت فيها ذكريات دراستي وإقامتي في باريس ونفذتها خلال فترة محددة، ربما كانت محطة استراحة. أما الأعمال المعروضة في صالة تجليات فهي مجموعة من الأعمال المنتقاة من أعمال السنوات الخمس السابقة نفذتها في باريس وفي دمشق مستفيداً من مواضيع متعددة أغلبها يدور في فلك قصص التصاوير الشعبية، موضوع دراستي الأكاديمية في باريس، هذه الأعمال لم يتح للجمهور السوري رؤيتها هنا».

ولدى سؤاله عن كيفية تعامله مع الموروث الشرقي المتميز بأشكاله وبين التصاوير الشعبية التي يقدمها في هذه الأعمال؟ قال: «درست التصاوير الشعبية وتعرفت على أسسها وعالمها، وأصبحت ميزة أعمالي التشكيلية، وهي تتشارك بعض الأحيان مع مفرداتنا التراثية التي تناولها بعض الفنانين الشرقيين، أو من رسم التراث الشعبي ببساطة مفرداته. والفرق بين عملي وعمل هؤلاء الفنانين أنني أصوغ بأسلوب وفكر أكاديمي مغاير لفكر الفنان الشعبي الفطري».

تقول في إحدى كتاباتك «باريس حررتني من الوصايا العشرة» لأساتذة الفن كيف تشرح لنا هذه الكلمات؟
«أريد أن أقول باختصار: هناك شرطيٌّ فني واجتماعي وأكاديمي وديني يقول لك ارسم هذا ولا ترسم ذاك. هذا كله غير موجود في الغرب. هناك لك حرية أن تعبر عن نفسك، شرط أن تكون صادقاً».


من أعمال التشكيلي بطرس المعري
في غاليري تجليات بدمشق


التجربة التشكيلية الأوروبية كانت على الدوام ملهمة لفناني الشرق، وفي بعض الأحيان كانت تجربتنا تجربة مقلدة، ما هي أسباب هذه التبعية التشكيلية عند بعض الفنانين؟
«تأثر فنانو المشرق بالتجربة الأوروبية واستلهموا أساليبهم الفنية منها لكن مع تأخر وصل إلى خمسين سنة، ففي الوقت الذي اندثرت فيه المدرسة الانطباعية في أوروبا كانت الانطباعية جل اهتمام فناني العرب، واليوم بوجود الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة، يتعرف الفنان المحلي وهو وراء الكومبيوتر على ما يحدث في الغرب من تطور فني، وبالتالي نشهد تقليداً للتجربة الأوروبية المتطورة لكن من غير معرفة بمسببات هذا التطور الحاصل هناك، ما أطالب به عدم التقليد أو الانجرار وراء أساليب لها مبرراتها في الغرب ولا مبرر لها هنا. أطالب بالصدق والحرية في التعاطي مع العمل التشكيلي المنبعث من البيئة المحلية بكافة تفرعاتها الاجتماعية والثقافية وغيرها».

لماذا كان هذا التهكم على السيرة الشعبية وكأنه رفض للمحيط، هل هو نوع من الاحتجاج على الواقع والسيرة الجمعية للمشرق العربي؟
«نعم، يكفينا عنتريات فارغة ولنعمل فهذا مجدٍ أكثر».

يذكر أن غاليري تجليات كائن في شارع الغزاوي، مزة فيلات غربية، دمشق. والمعرض يستمر لغــاية 10 حزيران 2012، يومياً من الساعة 11 صباحاً وحتى الساعة 7 مساءً.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

تفصيل من إحدى لوحات معرض التشكيلي بطرس المعري في غاليري تجليات بدمشق

من أجواء المعرض

التشكيلي بطرس المعري مع ضيوف المعرض وفيها الفنانة ميسون أبو أسعد

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق