الفرقة السيمفونية الوطنية السورية تحيي ذكرى الموسيقار الراحل صلحي الوادي

28 نيسان 2012

في دار الأسد للثقافة والفنون

قدمت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية حفلة بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لآخر ظهور للموسيقار الراحل صلحي الوادي على المسرح وذلك مساء الخميس 26 نيسان على المسرح الكبير بدار الأسد لثقافة والفنون.

خصصت المساحة الأكبر في البرنامج لأعمال الراحل صلحي الوادي، حيث عزف له (قصيدة حب للوتريات) ويعد هذا العمل الذي كتبه عام 1972 من مؤلفاته الأولى، وعندما كتبه كما يقول الباحث صميم الشريف كان واقعاً تحت تأثير حزن الشديد على شقيقته "هبة " التي رحلت عام 1966 وعلى أبيه الذي توفاه الله بعد عشرين يوماً فقط على وفاة شقيقته، توصلنا إلى مأساة الموت التي عانى منها ووقفت بينه وبين من يحب، ولما كان الصراع أزلياً بين الحياة والموت فإن صلحي الوادي الذي قهره الموت بأحبائه لم يجد أمامه سوى الموسيقى وعواطفه السامية ليجعل من الحب الذي حمله لأحبائه الذين فقدهم وما أكثرهم سلاحاً يقهر به الموت، فكانت "قصيدة حب" الدراما الموسيقية التي روت الشيء الكثير من وراء عدد من الألحان عن ملاعب الطفولة والشباب والحياة بكل ما فيها وارتوت بحبه الحبيس، وعواطفه المتأججة مجسداً فيها فلسفته الخاصة في الحب والحياة والموت.


من أجواء الحفل في دار الأسد

وكما عزفت الفرقة عمله «تأملات على لحن حياتي أنت لمحمد عبد الوهاب» ويعتبر دراما موسيقية عن الحب، استنبطها صلحي الوادي من ذاكرته مد استمع إلى أغنية "حياتي أنت" لمحمد عبد الوهاب عام 1943، وهو في التاسعة من عمره، ليخلدها عملاً موسيقياً رائعاً. كتب صلحي الوادي عمله هذا بعد خمسين عاماً على ولادة الأغنية من لحنين غنائيين أساسيين في الأغنية الأول «حياتي أنت ماليش غيرك وفايتني لمين» والثاني «كل ما يسبح خيالي، يسبق الفكر الخيال» مستهلاً المقطوعة بجزء يسير م اللحن الأول عزفاً بالتشيللو وممهداً به لدخول الأوركسترا باللحن الثاني الذي يأتي حيوياً صاخباً تعبيرياً عن معاناة المحبين، متنقلاً منه إلى ألحان غاية العمق والإثارة يولدها من اللحنين الأساسين، ومن ينهي المقطوعة كما بدأها بالتشيللو باللحن الرئيسي الذي يأتي متحشرجاً كئيباً، لتصير هذه المعزوفة من الأعمال الموسيقية التي يمكن لها أن تندرج في برنامج الأوركسترات الكبيرة.

وأيضاً أدت الفرقة السيمفوني الوطنية عمل آخر للراحل صلحي الوادي وهو «الافتتاحية»، هذا العمل من أهم الأعمال الموسيقية التي كتبها صلحي الوادي، قال فيه الموسيقي التشيكي جوزيف بوهاتش الحائز على لقب الفنان المتميز إنه عمل مذهل ينضح بالحداثة، وفي واقع الحال، فإن هذه الافتتاحية التي سماها بالافتتاحية العربية، تعطي فكرة عن تطلعاته المستقبلية للموسيقا، وهي من الأعمال الصعبة والمنهكة، لأنها تحتاج إلى دقة متناهية في الأداء الأوركسترالي، لاستشفاف ما أراده صلحي الوادي من ورائها.


من أجواء الحفل في دار الأسد

إن كل من يستمع إلى موسيقى صلحي الوادي يذهب به الظن فوراً إلى تأثره بشوستاكوفيتش، وعلى الرغم من هذا، فإن صلحي الوادي تحدث شأنه في ذلك شأن المؤلفين البارزين في العالم بلغة العصر الذي عاش فيه وهي لغة القرن العشرين التي تنسب لشوستاكوفيتش.

وآخر عمل للوادي قدمته الأوركسترا بقيادة باغبودريان في هذه الحفلة كان «موشح منيتي عز اصطباري» وأستقى صلحي الوادي في هذا العمل لحناً غنائياً لسيد درويش هم موشح بذات الاسم الذي يعود تاريخه إلى عام 1920 وهذا اللحن لم يكن سوى الركيزة الأساسية التي بنى عليها مقطوعته هادفاً من وراء صياغته الغربية ألا تكون للشعب العربي فحسب بل لشعوب العالم كافة، وكتب الوادي مقطوعته هذه للبيانو، ومن ثم أعاد كتابتها للأوركسترا، ومن المعروف بأن ألحان الموشحات تصاغ أولاً ثم ينظم الوشاحون موشحاتهم وفق تلك الألحان.

وإلى جانب أعمال الوادي عزفت الفرقة أعمال عالمية وهي: «افتتاحية كهف فينغال» لمندلسون، «بافان من أجل إنفاتا ميتة» لرافيل، «لاكريموزا من القداس الجنائزي» لموتزارت. حيث رافق كوال المعهد العالي للموسيقى الفرقة حيث أدت المقاطع الغنائية.

عن هذه المناسبة تقول السيدة ماريا أرناؤوط -مديرة دار الأسد للثقافة والفنون-: «نحن اليوم نحتفي بصلحي الوادي الفنان الذي منذ عشر سنوات تماماً سقط على خشبة المسرح بينما كان يقود حفلاً للأوركسترا السيمفونية الوطنية في قصر الأمويين للمؤتمرات حيث لم تكن هذه الدار قد افتتحت بعد، ولأنه لم يتسن له أن يعمل في هذا المكان الذي كان ينتظر افتتاحه بفارغ الصبر فإننا فخورون بشكل خاص اليوم أن نخصص هذه الأمسية لأعماله الأوركسترالية وبعض المؤلفات السيمفونية التي كانت تستهويه وأن تؤديها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية التي أسسها وحلم بأن يراها تعزف على خشبة هذا المسرح».


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق