رحيل الدكتور عبد العزيز علّون عرّاب الحركة التشكيلية السورية

26 كانون الأول 2011

رحيله سيترك فراغاً كبيراً في الثقافة العربية المعاصرة

كان الدكتور عبد العزيز علّون أستاذي لمادة اللغة الإنكليزية في السنة الأولى والثانية بكلية الفنون الجميلة بدمشق (1976- 1977)، تمتع بكاريزما خاصة ومؤثـّرة بقيت تميّز شخصيته حتى رحيله، وهذا ما شكّل حاجزاً ولو مفترضاً بيني وبينه لم أتمكن من تجاوزه رغم اجتماعي معه في أكثر من لجنة وندوة ولقاء.

هذه بعض الخواطر القليلة في حضرة غيابه
ذلك الرجل، الباحث، الناقد، الكاتب، الشاعر، المترجم، وأخيراً وليس آخراً الأستاذ الدكتور عبد العزيز علّون الراحل عن الحياة التي أمضى فيها سبعة وسبعين عاماً، وهو من قال: «(النقد بالنسبة لي هو حياتي)، إذن لابد أن يترك ذلك الرحيل فراغاً في فضاء الثقافة السورية المعاصرة وساحة النقد التشكيلي بخاصة التي تعاني بالأساس من ندرة المتخصّصين فيها، لقد رحل (أستاذ لغة الفنون الجميلة وعلم المصطلح الفني، بجامعة دمشق) هذا اللقب الذي كان يفضّله، بقي رحيله صامتاً ولافتاً، بحيث لم يسمع بموته حتى المقربون منه والمحبون له، ولم تنعهِ أية جهة من التي اشتغل معها أو كان محسوباً عليها نشاطه البارز الذي تعدّدت أنواعه، فما زلت مستغرباً من حالة الإهمال الإعلامي الذي عمل فيه لما يقارب الستين عاماً، ملقياً الضوء على معظم النشاط الثقافي في سورية وخاصة عقد الستينات، والذي يعتبر بسنواته العشر هو الأغنى والأكثر توهّجاً في تاريخ سورية المعاصر من حيث الأنشطة والمعارض والندوات، أو انتشار المنتديات الثقافية إن كان في حلب أو دمشق التي كان مساهماً حقيقياً ومؤثّراً في معظمها، والموثـّق في كتابه "منعطف الستينيات في تاريخ الفنون الجميلة المعاصرة في سورية"، وهذه السطور من مقدمة الكتاب للدكتور علون: "من يشهد واقعة بأم عينه، ولا يدلي بذكرياته عنها للأجيال اللاحقة، يطمس حقاً بيناً، وقد تسنى لي أن أعيش النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين، والنصف الأول من منتصف الستينات في دمشق، فأكون شاهداً ملمّـاً بأحداث التطوّر الكبير الذي تمخّضت فيه حركة الفنون التشكيلية في سورية عن أهم تطوّر نما في تاريخ الحركة الفنية"».

ترحّم الله الفقيد د.عبد العزيز علّون، الذي قدّمته مرة في إحدى الندوات على أنه عرّاب الحركة التشكيلية السورية والذي لم يخفِ وقتها غبطته وإعجابه بهذا اللقب، الذي برأيي كان يستحقه بجدارة كونه من أوائل الذين وثـّقوا لتاريخ الحركة التشكيلية السورية منذ بدايتها المبكّرة والأهم أنه تابع تطوّر تاريخ هذه الحركة راصداً أهم التجارب فيها، وموثقاً بالكتابة والنقد مراحلها التاريخية المختلفة بمجلدات لم يتثنى له طبعها بالإضافة إلى مئات الدراسات الفنية، له العديد من الترجمات والتي لم تشكل له أولوية في إي وقت لقناعته بأن ما يكتبه يبقى أهم من الترجمة، أيضاً نظم مجموعة من القصائد باللغتين العربية والإنكليزية، وقد تُرجم بعضها إلى اللغة الفرنسية، واهتم بالآثار وتاريخ الحضارات التي تعاقبت على الأرض السورية.


غلاف أول لكتاب منعطف الستينات

«إن تاريخ الفن الذي لا يقوم على نقد فني قادرٍ على الربط فيما بين الفلسفة الاجتماعية والجمالية وأشكال التقانة المعبّرة عنها ليس له من قيمة، ولا يقدم فائدة تذكر. في حين أن النقد الفني الذي يكشف عن الأسس الفلسفية والظلال الاجتماعية ومظاهر التقانات وطرق التنفيذ التي تنتج بها الأعمال الفنية يستطيع أن يقدم للمشاهد وللقراء صوراً مفيدة ومشجعة على اكتشاف عبقريات الفنانين، ويحدد مكانة كل منهم ودوره في مجتمعه وفي مرحلته التاريخية يسمح لهذا المشاهد أن يتذوق الأعمال الفنية».

هذه إحدى المقولات التي كان الراحل علّون قد لخّص فيها مفهومه للنقد الذي اعتبره في حديث إلى أحد المواقع الإلكترونية: «النقد بالنسبة لي هو حياتي، فأنا لم أختر أن أكون ناقداً وإنما وجدت نفسي داخلاً في موضوع النقد الفني والتعلق بالأعمال الفنية وتقييمها والبحث عن الأطر التي توضع فيها».

كما عُرف عن الراحل علاقته المميزة بالفنان الراحل محمود دعدوش وشقيقه محمد صاحب صالة «الفن الحديث العالمي» التي افتتحت بتشجيع منه كأول صالة للفن التشكيلي بدمشق في العشرين من تشرين الأول عام 1960.

قال قبل عامين: «أنا على استعداد لتسليم أكثر من 15 عنواناً بالعربية والإنكليزية عن المساهمات السورية في الحضارة والفنون، في حال وجدت دار النشر المؤهلة للإصدارات الفنية» .

هل ستبقى هذه أمنية بعد رحيله ..؟ وهل سيهتم المعنيون في وزارة الثقافة أنه من المفيد ولو متأخـّراً البحث عن تلك الدار المؤهلة للإصدارات التي سترفد المكتبة السورية بعناوين هامة، قيمة، ومفيدة ..؟ بحيث تشكل تلك الإصدارات مناسبة يكرّم فيها الأستاذ الراحل د.عبد العزيز علّون، لطالما تعودنا على تكريم المبدعين بعد رحيلهم .

تغمّد الله الفقيد أستاذي د.عبد العزيز علّون بواسع رحمته ..


غازي عانا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الدكتور عبد العزيز علون

الدكتور عبد العزيز علون

غلاف أول لكتاب منعطف الستينات

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

:

رحم الله الاستاذ الكبير والصديق عبد العزيز علون,ونتقدم باحر التعازي لعائلته الكريمة,رحيله خسارة للثقافة العربية والفن التشكيلي

بادي :

تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جنانه

كان موسوعة كبيره ورحيله خسارة وقد ترك أثر كبير في نفوس محبينه

السعودية