عدد سكان سورية سيتضاعف خلال العقود الأربعة القادمة

15 كانون الأول 2011

التقرير الوطني الثاني حول حالة سكان سورية

أشهرت الهيئة السورية لشؤون الأسرة اليوم التقرير الوطني الثاني عن حالة سكان سورية 2010 بعنوان «انفتاح النافذة الديموغرافية.. تحديات وفرص» وذلك في مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق.

ويستند «تقرير حالة سكان سورية 2010» مرجعياً إلى التقرير الوطني الأول للسكان عام 2008 ويتوقف بنوع من التكثيف عند الإطار المنهجي التحليلي لموضوعه الرئيس وهو النافذة الديموغرافية وتحليل الأثر الديموغرافي الايجابي لتراجع معدل النمو السكاني رغم محدوديته نسبياً على انفتاح النافذة الديموغرافية وأثر الانفتاح الأخير على الزيادة الواضحة لنسبة السكان في سن العمل وفق آليتي العرض الديموغرافي كفرصة والطلب الاقتصادي كضرورة للانتفاع بهذه الزيادة في رفع معدلات النمو الاقتصادي.

ويركز التقرير على مسالة العرض الديموغرافي من حيث تنامي حجم السكان من جهة والتغير في التركيبة العمرية للمجتمع السكاني في سورية وانعكاسات ذلك على التركيب الوظيفي للسكان باتجاهات ايجابية من المنظور الديموغرافي من جهة ثانية إضافةً إلى تركيزه على مسالة الطلب الاقتصادي وتوضيح أثر التحول الديموغرافي في النمو الاقتصادي والتشغيل والتعليم وسوق العمل وضوابطها القانونية وتشريعاتها الناظمة ومؤسساتها المختلفة ونوعية عقود العمل المعتمدة ونظام الأجور وتنظيم العمل والمشاركة ومؤسسات التشغيل والإرشاد المهني ونظام التأمينات ومستوى تطور وكفاءة شبكة الحماية الاجتماعية الداخلية والخارجية.

كما يركز التقرير أيضاً على العلاقة بين التعليم المرتبط بالعرض الديموغرافي والتشغيل المرتبط بالعرض الاقتصادي وتحديد جوهر الاستفادة من ارتفاع حجم القوة البشرية وتحويلها الى قوة عمل و(هبة ديموغرافية) إضافةً إلى بناء السيناريوهات وفق منهجية اعتمدت البعدين الكمي والنوعي في تصميم وصياغة الفرضيات الأساسية المتعلقة بكل سيناريو والانطلاق من هذه الفرضيات في بناء نموذج قياسي متطور يمكن من توضع التغييرات الديموغرافية والاقتصادية.

نسبة عزوبية السكان 15 عاماً فأكثر ارتفعت 38،4 عام 2009

وأشار التقرير إلى أن نسبة عزوبية السكان 15 عاما فأكثر ارتفعت من 33 في المئة عام 1970 الى حوالي 43 بالمئة عام 2000 ثم عادت لتنخفض إلى 41،2 بالمئة عام 2001 وإلى 38،8 عام 2009 وان متوسط العمر عند الزواج لكلا الجنسين ارتفع من 25،9 إلى 29 عاماً للذكور ومن20،6 عاماً إلى 25،1 عاماً للإناث خلال الفترة مابين 1981 و2000 وبقي مستقراً عند هذه الحدود طيلة العقد الماضي حيث لم يتجاوز 29،1 عاما للذكور و 25،3 للإناث عام 2009.

وبين التقرير أن نسبة مشاركة المرأة في القوة العاملة ارتفعت خلال الفترة من 1970 الى 1995 الى الضعف تقريبا من 10،7 بالمئة إلى 19،8 بالمئة لكنها تراجعت في الفترة الأخيرة لتتدنى إلى 15،8 بالمئة عام 2010 ما يؤثر في ارتفاع معدل الخصوبة الكلية والزواجية الذي يشكل عمل المرأة ومواصلة تعليمها مابعد مرحلة التعليم الأساسي احد ضوابطه التنظيمية والتلقائية عموماً.

وأوضح التقرير ان النمو الاقتصادي خلال العقد الأخير كان ضعيفاً وإن الدراسات تشير إلى أن معدل البطالة كان مستقراً ولم ينخفض عن 8 بالمئة في أحسن الحالات ومعدل مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي سجل انخفاضا خلال السنوات الخمسة الأخيرة وبذلك يسجل على الاقتصاد السوري عدم قدرته على خلق فرص عمل جديدة ومستدامة.

معدل الفقر 12،3 بالمئة عام 2007 وتجاوز في الريف معدله في الحضر بمقدار 5 بالمئة

ولفت التقرير إلى أن معدل الفقر وفق خطه الأدنى قد ازداد من 11،4 في المئة عام 2004 إلى 12،3 بالمئة عام 2007 وأن معدل الفقر في الريف تجاوز معدله في الحضر بمقدار 5 في المئة وأنه على الرغم من أن معدل الفقر غير مرتفع فان حوالي 22 بالمئة من السكان معرضون للوقوع تحت خط الفقر الشديد في حال وجود أي مشكلة او صدمة تؤثر سلباً على الأداء الاقتصادي.

وأشار التقرير إلى ان علاقة الزيادة السكانية بالتعليم تفرض حاجة سنوية لفتح شعب ومدارس جديدة إضافة إلى اعداد كوادر تعليمية وادارية جديدة للنهوض بمهمة تعليم ورعاية المواطنين الجدد والذين هم أكبر عددا من أقرانهم في العام السابق.

وبين التقرير أنه وفقاً للزيادات السكانية المتوقعة سيزداد الإنفاق الحكومي على الصحة سنوياً بما يزيد عن 1200 مليون ليرة سورية إلى 1600 مليون ليرة سورية أي أن الموازنة الجارية لوزارة الصحة يجب أن تزداد سنوياً بهذا القدر للحفاظ على مستوى الإنفاق الحالي الذي تبين أنه غير كاف ويحمل الفئات الاجتماعية الأضعف تكاليف لا قبل لها بها ويتضح ان النظام الصحي الحالي غير ملب لمتطلبات التنمية البشرية ولمتطلبات الرعاية الصحية المتناسبة مع التطور العلمي الحالي والانتقال إلى نظام الضمان الصحي العام والشامل والذي يمول من قبل المشتركين وأصحاب العمل والدولة.

الحبيب: الحكومة تبنت في إطار عملية التنمية الشاملة التي تشهدها سورية منهج الحل التنموي للمسألة السكانية

وقال الدكتور رضوان حبيب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل إن إدراك واقع المسألة السكانية يمثل أحد أبرز مدركات الحكومة كشرط أساسي مسبق للتعرف على طبيعة هذه المسألة ومشكلاتها ومعرفة حدودها ومناهج وآليات مراجعتها مضيفاً أن الحكومة تبنت في إطار عملية التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد منهج الحل التنموي للمسألة السكانية وانتقلت من مجال الاعتراف بضغوط هذه المسألة الى تبني اتجاهات المنهج التنموي في حلها وتشجيع العمل على وضع سياسات سكانية تتوافق وتلك التوجهات.

وأضاف إن أول لجنة عليا للسكان تشكلت عام 1985 طرداً مع انكشاف مظاهر المشكلة السكانية الناتجة عن ارتفاع معدل النمو السكاني واختلال التوزع الديموغرافي واستمرت هذه القضية باهتمام الحكومة ومتابعتها حيث دعت الى عقد المؤتمر الوطني الأول للسكان عام 2001 وعملت على تعزيز الحوار الوطني حول هذه القضية ودعم الهيئة السورية لشؤون الأسرة بتولي مسؤوليات الدعم البحثي والمعلوماتي التحليلي عن هذه القضية وصولاً الى اعتبارها احد أهم اللاعبين الأساسيين في هذا المضمار.

وبين وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ان ترجمة الحكومة لمبادئ التحول الى اقتصاد السوق الاجتماعي يلتقي بشكل كامل مع القضايا التي طرحها التقرير الوطني الأول للسكان في سورية والذي يمثل تقريرا مرجعيا يلتقي أيضا مع ما طرحه ومع آثاره واقترحه التقرير الوطني الثاني عن انفتاح النافذة الديموغرافية وتحويله سياساتياً إلى هبة ديموغرافية.

وأشار إلى أن الحكومة دعمت بكل ما تستطيع سياسات الاستفادة من الهبة الديموغرافية ووظفت برامج الصحة الإنجابية وتشريعات سوق العمل وتحفيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادره والعمل على مرونة السوق في هذا الاتجاه انطلاقاً من أن الإنسان هو هدف التنمية وموضوعها وأدائها في آن واحد مبينا التقاء رؤية الحكومة بشكل كامل مع هذا التقرير للحل التنموي للمسألة السكانية السورية والربط بين البرامج الديموغرافية على مستوى العرض والبرامج التنموية على مستوى الطلب.

وأكد الوزير أن الحكومة ستستمر ببرامج الإصلاح المؤسساتي والتي اعتبرها التقرير إحدى القضايا الاساسية في مجال تنامي حجم السكان في سن العمل وبين سوق قوة العمل مشيرأ إلى أن خطط الحكومة وبرامجها تتبنى دعم الهبة الديموغرافية المحتملة والتحضير لاستقبالها بما يجعلها نعمة والحيلولة دون ان تكون نقمة كون الحكومة تدرك أن هذا العمل الذي يقع في صلب مسؤولياتها الحكومية وأنه في المحصلة مسؤولية جماعية تتصدى لها جميع أطراف العملية التنموية موضحاً أن الحكومة تشجع مبدأ التشاركية والتفاعلية بين جميع مكونات المجتمع في بحث قضايا السكان والتنمية. وخلص وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الى أن الحكومة تولي خبرة ونزاهة وجدية الباحثين الوطنيين كل الاهتمام وتعتبر التقرير محطة نوعية في المناقشات الوطنية للعلاقة التكاملية بين السكان والتنمية وإن مادته العلمية وما تضمنه من معلومات وإحصائيات ونتائج ومقترحات تشكل زاداً غنياً للحكومة في مرحلة تطبيق الخطة الخمسية الحادية عشرة والتي تبنت مبدأ دمج العامل السكاني في عملية التنمية.

حمد: تقرير حالة سكان سوري 2010 الذي أصدرته الهيئة السورية لشؤون الأسرة هو جزء من سلسلة تعمل الهيئة على إصدارها كل عامين

بدورها قالت الدكتورة أنصاف حمد رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن تقرير «حالة سكان سورية 2010» المكرس لبحث مسألة انفتاح النافذة الديموغرافية يشكل استمرارا للتقرير الوطني الأول للسكان «حالة سكان سورية 2008» الذي أصدرته الهيئة وهو جزء من سلسلة تقارير السكان والتنمية التي تعمل الهيئة على إصدارها كل عامين.

وأضافت أن التقرير الأول شخص المسألة السكانية بأبعادها الثلاثة من معدل النمو السكاني المرتفع وهو من أعلى المعدلات في العالم والتخلخل في التوزع الجغرافي للسكان وتدني خصائصهم النوعية ليرسي بذلك قاعدة تحليلية لحالة السكان من مختلف جوانبها موصيا بإصدار تقارير نوعية معمقة عن كل جانب من الجوانب التي تطرق لها.

وبينت الدكتورة إنصاف أن سلسلة التقارير عن حالة السكان في سورية تهدف الى توفير معرفة علمية بالعلاقة مابين التغيرات الديموغرافية الجارية وعملية التنمية وتمكين واضعي السياسات ومتخذي القرارات من وضع الاستراتيجيات والسياسات والخطط في ضوء فهم ديناميكية هذه التغيرات واتجاهاتها وماتمثله من فرص جديدة أمام عملية التنمية.

وأوضحت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة أن توفير مثل هذه القاعدة المعرفية حول السكان والتنمية وتطويرها وتحديثها دورياً هو جزء من مهام الهيئة التي أصدرت حتى الآن حجما مهماً من التقارير والمسوح والدراسات المختلفة في مجال عملها لافتةً إلى أن التقرير الحالي يركز على إشكاليات وقضايا بروز مؤشرات انفتاح النافذة الديموغرافية وتحفيز الاستراتيجيات والسياسات والخطط على تحويل الزيادة الكبيرة والمتنامية سنوياً في حجم القوة البشرية وقوة العمل إلى هبة ديموغرافية عبر حل عناصر المسألة السكانية السورية في إطار تنموي تتكامل فيه القضايا السكانية والتنموية في آن واحد وتتبادلان التأثير فيما بينهما.

القش: المشكلة السكانية في سورية متمثلة في معدل نمو سكاني مرتفع واختلال في التوزع الجغرافي للسكان وضعف الخصائص النوعية

وأكد الدكتور محمد أكرم القش عميد المعهد العالي للدراسات والبحوث السكانية خلال عرضه للتقرير ان المشكلة السكانية في سورية المتمثلة في معدل نمو سكاني مرتفع واختلال في التوزع الجغرافي للسكان وضعف الخصائص النوعية لاتقبل الحل إلا على مستوى علاقات التنمية البشرية بكافة أبعادها الشاملة والمتكاملة وان مظاهر اختلالها تبرز في كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وإن كان ذلك بدرجات مختلفة لافتاً إلى ان العناصر الأساسية للمشكلة السكانية ستبقى قائمة خلال العقود الاربعة القادمة ولاسيما خلال العقدين القادمين مالم تتم معالجتها بعملية سياساتية تنموية تدخلية تقوم على التفاعل بين السياسات والناس وتحويل هذه المشكلة من مرحلة إفراز الأزمات والاختناقات إلى مرحلة الحلول التي تسمح باندماج السكان كافة في دورة التنمية دون إقصاء او تهميش.

وبين الدكتور القش أن سورية مازالت تحتل المرتبة 23 في العالم من حيث مستوى ارتفاع معدل النمو السكاني موضحاً أنه على الرغم من تراجع معدل لنمو السكاني في سورية من 3،3 بالمئة في ثمانينات القرن الماضي إلى حوالي 2،3 بالمئة حاليًا فان متوسط حجم الزيادة السنوية لسكان سورية ارتفع من حوالي 250 ألف نسمة في ثمانينات القرن الماضي الى أكثر من 450 ألف نسمة سنوياً وسيستمر متوسط حجم الزيادة السنوية للسكان في سورية بالتصاعد خلال العقدين القادمين ليصل الى أكثر من 560 ألف نسمة سنوياً.

القش : من المتوقع أن يرتفع حجم سكان سورية البالغ 20،6 مليون نسمة عام 2010 إلى 42،2 مليون نسمة عام 2050

وأشار إلى أنه من المتوقع أن يرتفع حجم سكان سورية البالغ 20،6 مليون نسمة عام 2010 الى 42،2 مليون نسمة عام 2050 وفق الفرض المرتفع وإلى 40،3 مليون نسمة وفق الفرض المتوسط والى 38،4 مليون نسمة وفق الفرض المنخفض أي أن حجم سكان سورية سيتضاعف خلال العقود الأربعة القادمة بفعل دينامية الزخم السكاني التي تستمر في اشتغالها حتى مع التراجع السابق واللاحق المتوقع لمعدل النمو السكاني.

وبين أن الزيادة تحصل في الفئة العمرية التي تقع في سن العمل بين 15 إلى 64 عاماً أي ضمن فئة القوة البشرية وأنه خلال العقود القادمة سيرتفع الحجم النسبي للسكان داخل القوة البشرية من 59،4 بالمئة عام 2010 إلى حوالي 66،3 بالمئة عام 2050 أي بزيادة قدرها من 13 إلى 15 مليون نسمة منبها إلى أن الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التنموية يجب أن تنطلق من مبدأ تحويل القوة البشرية الى قوة عمل وتقليص الفجوات بينهما في ضوء الدمج بين مفهوم قوة العمل الاحتياطية ومفهوم القوة البشرية القابلة للتحول الى قوة عمل وادماج فئات معينة أو قسم منها كان يعتبر خارج قوة العمل في عملية التنمية بالاستفادة من التقدم التقاني في استحداث الاعمال التي تساعد على هذا الادماج.

وأوضح الدكتور القش في نهاية العرض ان فرصة الاستفادة من انفتاح النافذة الديموغرافية مشروط بانتهاج سياسة سكانية تنموية تدخلية ولا ضمان منذ 2010 للوصول الى الهبة الديموغرافية الا عبر بناء قدرات القوة البشرية الوافدة إلى سوق العمل وتوفير بيئة تنموية واقتصادية قادرة على استيعابها موضحا ان ذلك يتطلب اتباع سياسات مؤسسية تحقق التكامل بين العرض الذي يقدمه افتتاح النافذة الديموغرافية وبين الطلب الذي يفترض ان تمثله حيوية الاسواق والنمو الاقتصادي والتوزيع المنصف للدخل وإشراك الشباب والنساء على الأخص في الجهود التنموية من خلال تمكينهم وضمان وصول ثمار التنمية اليهم كمساهمين وشركاء في الجهد والنتيجة معا.

حضر الإشهار والعرض وزراء التعليم العالي والتربية والصحة والثقافة ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ورئيس جامعة دمشق وعدد من أعضاء مجلس الشعب وممثلي المنظمات الدولية في سورية والمنظمات والاتحادات إضافة إلى أكاديميين وباحثين وأساتذة الجامعات.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق