المشهد السينمائي السوري في قاعة المتحف الوطني بدمشق

22 01

محمد الأحمد: ميزانية مؤسسة السينما لا تتجاوز ميزانية اصطدام سيارتين في فيلم أمريكي

تماشياً مع زخم التدفق المعلوماتي والتطور اللامحدود لتقنيات العصر ورغبةً بمواكبة آخر ما توصل إليه علم الفن السينمائي عالمياً، والرغبة من جهة ثانية في توصيف المشهد السينمائي السوري ماله وما عليه والخروج بثلة توصيات ـ قيل أنها ستكون ـ نافذة ـ بغاية النهوض بالحركة السينمائية ككل. أقامت المؤسسة العامة للسينما ندوة في قاعة المتحف الوطني بدمشق ليومين متتالين 14-15/1/2008، وبحضور السادة القائمين والعاملين في المجال السينمائي وضيوف من الخبراء العرب، تناولوا فيها خمس محاور أساسية حول القاعدة التقنية، مهرجان دمشق السينمائي، الإنتاج السينمائي والإنتاج الموازي، واقع صالات العرض، وهذه المحاور فندت وأشبعت إحاطة ومعالجة وخرجت بتوصيات اتسمت بكونها هامة وملحة.
وحسب ما أفادنا به السيد محمد الأحمد مدير عام المؤسسة العامة للسينما "فالمشكلة لا تكمن في القاعدة التقنية وإنما في الكادر البشري القائم عليها، فالمؤسسة من جهة تملك قاعدة تقنية تمتاز بالجودة والحداثة وهي الثانية بعد المغرب على المستوى العربي، ومن جهة أخرى فقدت خيرة كوادرها من ذوي الباع الطويل والخبرة العملية تحت وطأة سن التقاعد، ومع أن الكوادر الجديدة متوفرة إلا أنها متواضعة الإمكانات فقيرة التجربة. وهنا أوصى المنتدون على جدوى الإبقاء على من تقاعد تحت أي مسمى إداري وضرورة العمل على تأهيل الكادر الشاب وإرساله إلى الدول المتقدمة في صناعة السينما لاتّباع دورات تأهيلية، كما أوصوا أيضاً بضرورة استقدام خبراء من الغرب وإقامة دورات وندوات بغاية الإفادة منهم.
ومع أن مهرجان دمشق السينمائي قد حقق نقلة نوعية وتقدماً ملحوظاً في دورته الأخيرة ـ والحديث للسيد محمد ـ إلا أنه اليوم محاطٌ بمهرجانات عربية قوية/دبي، أبو ظبي، مراكش/ وذات ميزانيات وأرقام هائلة. ما يعني أن المنافسة أضحت ملحة والمال أصبح عنواناً لإقامة الفعاليات. وفي هذه النقطة أوصينا بزيادة ميزانية المهرجان ليتسنى من خلالها رفع جوائز الفيلم الفائز ما يمكن أن يحقق إغراء للسينمائيين وتفضيلهم لمهرجان دمشق على مهرجانات أخرى، وفي اتجاه آخر يُمكّننا ذلك من استقطاب نجوم من شأن حضورهم رفع سوية المهرجان وتحقيق حضور لوكالات الأنباء العالمية ونقل مهرجان دمشق إلى المشهد السينمائي العالمي.
ولعل الأمر الهام الذي يعرض المؤسسة للنقد الحاد والمرجع هو قلة إنتاجها السنوي بمعدل فيلم أو اثنين. وفي هذا يجد السيد محمد أن المشكلة ليست محصورة بالمؤسسة وإنما بالدعم المادي الذي نتلقاه من الحكومة حصرياً، فكما يعلم الجميع أن قاعدة الصناعة السينمائية ليست متوفرة والقطاع الخاص حتى الآن لم ينهض لمؤازرة السينما.
فالإنتاج السينمائي الموازي وهو المحور الرابع للندوة حتى الآن، كان غائباً عن المشهد السينمائي السوري مع الأخذ بعين الاعتبار أنه الوحيد القادر بالتعاون مع المؤسسة على النهوض بالمشروع السينمائي الوطني. فنحن لا نستطيع مهما امتلكنا من ميزانيات وتقنيات أن ننهض بهذا المشروع الكبير، فحتى أعتى وأكبر شركات العالم (بارامونت، يونيفرسال، كولومبيا) جميعها تلقى الدعم من جهات خاصة وحكومية. ويتابع السيد محمد قائلاً: لعل الإنتاج الموازي مرتبط مباشرة بالمحور الخامس ألا وهو «الصالات» فحقيقةً يحتاج الإنتاج إلى قناة تسويقية والمنتج السينمائي يحتاج إلى صالات عرض وهذه النقطة تحديداً تحول دون إقدامه على الإنتاج.
ومع ذلك وحسب توقعاتنا فإن العامين القادمين سيشهدان تواجداً لأكثر من 50 صالة سينمائية ضمن التجمعات التجارية (المولات) التي تلحظ ضمن هيكلها التجاري صالات سينما. فصالاتنا بواقعها الحالي وإن حُدّثت لم تعد مواءمة لروح العصر.
إن كل ما ذكرناه آنفاً هو الصورة البانورامية الواسعة التي يتشكل منها المشهد السينمائي السوري. يُذكر أن المؤسسة العامة وضمن ميزانيتها الحرجة تنتج سنوياً أفلاماً طويلة وقصيرة وأفلاماً سياحية وتربوية وتطبع عشرين كتاب سنوياً إضافة إلى مجلة الحياة السينمائية وتقيم تظاهراتها السينمائية داخل وخارج القطر ضمن ميزانية لا تتجاوز في أحسن أحوالها ميزانية اصطدام سيارتين بمشهد من فيلم أمريكي وهذا الأمر يجب أن يحسب حسابه.. سيما وأنها القلعة الأخيرة للقطاع العام في السينمات العربية بعد أن توقفت التجربة في دول مثل مصر، الجزائر، العراق، وليبيا.


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

    صور الخبر

    بقية الصور..

    اسمك

    الدولة

    التعليق