اختبار ما قبل الزواج من أجل جيل خال من الأمراض الوراثية

27 تشرين الأول 2011

تكتسب الفحوص الطبية للمقبلين على الزواج مع مرور الوقت قبولاً أكبر من المجتمع واعترافاً أوسع بأنها ليست مجرد إجراء روتيني مطلوب أو ورقة من أوراق معاملة الزواج بل مطلب أساسي وعامل وقائي يحمي جيلاً كاملاً من الإصابة بأمراض وراثية يسبب بعضها إعاقات دائمة ينتهي بعضها الآخر بالموت.

ويتطلب التزام جميع المقبلين على الزواج بالاختبارات والفحوص الطبية اضافة إلى نشر الوعي والتثقيف الصحي بضرورته الملحة انتشار مخابر ومراكز الفحوص ما قبل الزواج في جميع المناطق السورية وتسهيل خدماتها وضبط جودة عملها وتوعية العاملين فيها بأهمية دورهم ومسوءوليتهم تجاه الأجيال القادمة.

وقد ينشغل بعض الأشخاص بالاتفاق على عدد الأطفال الذين قد ينجبونهم وأسمائهم وطرق تربيتهم ويتجاهلون أمرا في غاية الأهمية هو ضمان صحتهم قبل قدومهم للحياة ويبررون ذلك حسب نسرين حداد وخطيبها على أنه أمر بيد الله لا يمكن التحكم به حيث تقول نسرين ان الفحوص كانت من أولوياتها وخطيبها وقد وضعاً كل الاحتمالات فصعوبة اتخاذ قرار الانفصال لا تقارن بمعاناة إنجابهما طفلاً مريضاً أو خضوعهما لقرار عدم الإنجاب.

وعن دور وزارة الصحة بتأمين مراكز وعيادات لفحوص ما قبل الزواج قال الدكتور وائل الحلقي وزير الصحة إن الوزارة حرصت بالتعاون مع نقابة أطباء سورية وفروع النقابة في المحافظات على إطلاق خدمات الفحص الطبي ما قبل الزواج في جميع المحافظات تباعاً حيث تم تجهيز هذه العيادات بالشكل المناسب واللائق وبشكل يضمن خصوصية وسرية المعلومات للمراجعين.

وبين وزير الصحة في تصريح للنشرة الصحية أن الوزارة وبعد افتتاح مركز الفحص الطبي ما قبل الزواج في محافظة السويداء تحضر قريباً لافتتاح أربعة مراكز أخرى في محافظات ريف دمشق والقنيطرة والحسكة وديرالزور ليتم بذلك تغطية كل المحافظات بهذه العيادات.

وأكد الدكتور الحلقي أن الفحص الطبي ما قبل الزواج يضمن زواجاً صحياً آمناً يسهم في الحد من الإصابة بالأمراض الوراثيةوالإعاقات كما يمكن من الكشف المبكر عن أي أمراض معدية وبالتالي تتاح الفرصة لعلاجها ومنع انتقالها للطرف الآخر عن طريق الزواج.

وأضاف أن الفحوص الطبية تتيح معرفة الزمر الدموية للمقبلين على الزواج وتلافي العواقب الناتجة عن اختلافها عبر اتخاذ إجراءات بسيطة ومتوافرة لافتاً إلى أن التزام جميع المقبلين على الزواج بإجراء هذا الفحص هو خطوة أولى وأساسية في إيجاد حياة زوجية سليمة وتكوين أسرة سعيدة ومستقرة صحياً.

وحول عمل مراكز ومخابر الفحوص ما قبل الزواج المنتشرة في المحافظات قال الدكتور عصام سلمان رئيس مخبر وعيادة الفحص الطبي ما قبل الزواج بدمشق ان العيادة تجري الفحوص والاختبارات لتشخيص أمراض فقر الدم وتحديد نوع الهيموغلوبين في بعض الحالات للتعرف الى فقر الدم المنجلي والتلاسيميا والكشف عن التهاب الكبد الوبائي بي أو سي ومرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" وفحص الزمر الدموية والتأكد من زمرة الزوجة وفيما إذا كانت تتطلب علاج ومتابعة معينة أثناء الحمل وبعد الولادة.

وأضاف سلمان أنه في حال اكتشاف خلل وراثي لدى العروسين يتم شرح الأمر للطرفين بحضورهما مجتمعين ليقررا استمرار الزواج مع ما يحمله ذلك من خطر على صحة أطفالهما أو أن يجد كل منهما طريقه مع شريك آخر قد لا يحمل المرض نفسه موءكدا صعوبة قرار الانفصال وأهميته في الوقت ذاته لكونه يحمي جيلا كاملا من أمراض تحمل الأسر والمجتمع عبئاً صحياً ونفسياً ومادياً كبيراً.

وأوضح سلمان أن الفحوصات غايتها الكشف عما إذا كان الشخص حاملاً للمرض لأن الشخص حامل المرض ليس مريضا بل شخص سليم يحمل صفات وراثية يمكن أن ينقلها لذريته إذ حدث وكانت زوجه أو زوجها حاملا أيضا لنفس المرض فيما لا مشكلة إذا كان أحدهما فقط حاملاً للمرض معبراً عن رغبته في الوصول إلى تشريعات وقوانين تمنع زواج شخصين يحملان نفس المرض وذلك لحماية جيل المستقبل صحياً ونفسياً.

وبين سلمان أن عدم الزواج من إحد الأقارب لا يضمن أن تكون الذرية سليمة من أي مرض وراثي مشيراً إلى أهمية التحاليل في الكشف عما إذا كان الشخص حاملاً للمرض بغض النظر عن القرابة بين العروسين.

وأضاف سلمان ان قيمة التحاليل تعتبر رمزية مقارنة بأي مخبر خاص حيث تتقاضى العيادة من العروسين معا 2500 ليرة سورية متضمنة التحاليل وأجور المعاينة والتقرير الطبي الذي يعطى بناء على التحاليل في حين تكلف الفحوصات نفسها خارج العيادة 8750 ليرة وفقاً لتسعيرة وزارة الصحة كما أن المبلغ الذي تأخذه العيادة قليل جداً مقارنة بحجم معاناة الأسر النفسية والمادية فيما لو أصيب أبناؤها بأحد الأمراض الوراثية.

وقال الدكتور سلمان إنه ومنذ بداية العام وحتى نهاية أيلول الماضي رصد 590 حالة التهاب كبد بي و74 حالة التهاب كبد سي و4 حالات ايدز و814 حالة خلة منجلية و169 حالات لخضابات شاذة و25 حالة فقر دم منجلي الى جانب 1428 حالة لأشخاص حاملين للعامل الوراثي لمرض التلاسيميا وذلك من مجمل عدد المتقدمين للفحوصات ومجموعهم 7816 خاطبا ومخطوبة.

وأوضح الدكتور سلمان أن التلاسيميا هي الأكثر شيوعاً بين الأمراض الوراثية في سورية وتتركز بالنسبة للقادمين لدمشق وريفها في منطقة غوطة دمشق حسب ملاحظة العاملين في العيادة مشيراً إلى إنه يتم التشديد على توعية الخطيبين الذين يكتشف أنهما حاملان لهذا المرض حيث يفضل الامتناع عن الزواج لأن ولادة أطفال مصابين بالتلاسيميا هي نتيجة أكيدة مضيفاً أن عدد المصابين بالتلاسيميا في سورية يتجاوز ال7000 مصاب وتتكلف الحكومة لعلاج المصاب الواحد نحو 800 ألف ليرة سنوياً.

وفي درعا بين الدكتور محمد غانم سلامة المشرف على عيادة ما قبل الزواج بالمحافظة أن العيادة ساهمت ومنذ عام 2008 بمنع الزيجات الخطرة ووقاية الأبناء من انتقال الأمراض الوراثية من خلال الفحوص والاختبارات والاستشارات الوراثية للمقبلين على الزواج إضافة لمحاضرات التوعية والتثقيف تنظمها بالتعاون مع الجهات المعنية في المحافظة لشرح أهمية إجراء التحاليل اللازمة وصولاً إلى جيل خال من الأمراض وخاصة الوراثية.

وقال الدكتور سلامة إن العيادة أجرت منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر أيلول الماضي 7206 تحاليل لخاطب ومخطوبة نتج عنها وجود 359 حالة اضطراب رحلان الخضاب و56 حالة مصابة بفيروس الكبد بي والعامل الاسترالي و5 حالات بفيروس الكبد سي و273 تنافر زمر ظهر منها 16 حالة زواج خطر.

وفي حلب قال الدكتور جمال شعار مدير عيادة وفحص ما قبل الزواج بالمحافظة ان العيادة ومنذ تأسيسها عام 2009 بدأت باستقبال المراجعين بمعدل25/30 ألف مراجع سنوياً من حلب وريفها وساهمت بالتالي في الحد من انتشار بعض الأمراض الوبائية كالتهاب الكبد الوبائي/بي/والايدز والأمراض الدموية الوراثية كالتلاسيميا.

وأشار الدكتور الشعار الى أن دور العيادة لا تمنع الزواج لأي سبب طبي لكنها تقدم المشورة الصحية فقط وتسعى لتوعية الخطيبين صحياً وإرشادهما في حال وجود أي خطر لزواجهما مضيفاً إنه في حال ظهور أي نتيجة مخبرية غير مؤكدة السلامة فإن الطبيب يحيل الخطيبين إلى مشفى الحميات المتخصص حصرياً لتأكيد النتائج بكتاب مصدق أصولاً وبشكل مجاني ودون تقاضي أي رسوم إضافية.

وأوضح الدكتور الشعار أن أكثر الأمراض انتشاراً حسب عدد المراجعين للمركز ونتائج التحاليل والتقارير الصادرة عن العيادة هي مرض التهاب الكبد بي بنسبة 5 بالمئة من إجمالي عدد المراجعين والتلاسيميا 4بالمئة والتهاب الكبد سي بمعدل 1/5ر1 بالمئة.

وحول تجاوب المواطنين مع المركز بين الدكتور الشعار ان الاستجابة في البداية كانت ضعيفة وتحسنت مع مرور الوقت حيث تشهد العيادة مؤخراً إقبال جيد من المواطنين للتحري عن الأمراض وخاصة الوراثية منها مشيراً إلى أن الالتفاف على تحليل ما قبل الزواج وعدم إجراءه أثناء تجهيز معاملة تثبيت الزواج قد يؤدي إلى ظهور الكثير من الإصابات والأمراض الوراثية في المجتمع وخلق أسرة غير سليمة وتجعل المواطن يخسر فرصة العلاج المجاني لدى مؤسسات الدولة الصحية والطبية.

وقال الدكتور الشعار إن تعميق الاستفادة من وجود العيادة يتطلب تضافر جهود عدة جهات رسمية وأهمها القضاء الشرعي إضافة للإعلام ومؤسسات المجتمع المحلي والمواطنين أنفسهم متمنيا من الدوائر والمؤسسات المعنية الأخرى ولاسيما التابعة لوزارة العدل الالتزام باشتراط توافر التقرير الطبي من المركز لمعاملة تثبيت الزواج لأن عدد حالات الزواج في حلب سنوياً تصل إلى60 ألف حالة لا يراجع منها المركز إلا 30 ألف حالة داعياً المواطنين إلى مراجعة المركز قبل موعد العرس بمدة لا تقل عن شهر لإنجاز التقرير واتخاذ الاجراءات العلاجية المناسبة وخاصة حالات الإصابة ببعض الأمراض المعدية.

وفي إدلب أشار الدكتور محمد ياسين عبد الجواد مدير عيادة اختبار ما قبل الزواج بالمحافظة الى أن تغير نظرة المجتمع تجاه هذه الاختبارات من مجرد إجراء روتيني لإتمام معاملة الزواج إلى خطوة أساسية ولازمة لضمان أسرة صحية سليمة يتطلب زيادة حملات التوعية وتكثيف النشاطات الخاصة لتعريف الجيل بهذا الاختبار.

وعن آلية عمل العيادة بين الدكتور عبد الجواد أنها تقوم بأخذ التاريخ الطبي الشخصي والعائلي بشكل مفصل حتى يتم التعرف من خلاله إلى الأمراض المزمنة والوراثية لكلتا العائلتين ثم الفحص السريري لكل أجهزة الجسم والتأكد من سلامتها وإجراء الفحوص التشخيصية الضرورية للتأكد من خلو الطرفين من أهم الأمراض المؤثرة على الزواج وصولاً إلى التثقيف الصحي للمقبلين على الزواج حول أهم المواضيع الصحية التي تهمهم من أجل زواج سعيد وإنجاب سليم.

وقال الدكتور عبد الجواد إنه منذ بداية العام الحالي وحتى الشهر الحالي منح 10800 تقرير زواج بمعدل شهري 900 تقرير فيما يصل عدد المراجعين يومياً إلى أكثر من 30 مراجعاً من مختلف مناطق المحافظة مشيراً إلى استعداد العيادة لاستقبال مراجعين من محافظات أخرى.

من جهتها أشارت سهير جبور منسقة طلبات المراجعين في العيادة بإدلب إلى ضرورة تعاون المراجعين مع العاملين والكادر الطبي وإعطاء الاختبار مزيدا من الجدية والاهتمام من خلال زيادة برامج التوعية والتثقيف الصحي وعبر التعاون مع وسائل الإعلام المختلفة وتعميم مراكز الاختبار على المناطق النائية ولا تكون حصراً على مراكز المدن.

ويعتبر عمر عز الدين من مدينة ادلب وخطيبته ان هذا الإجراء خطوة حضارية ومهمة جدا لانها تجعل الخطيبين في بر الأمان وتوضح لهما الطريق الذي يقبلان عليه مستغربا ممن يستهين بهذا الاختبار ويتجاهله بحجة انه غير ملزم وهو في نهاية الأمر لصالحه وصالح أطفاله معربا عن تفاوءله بالحصول على نتائج مخبرية جيدة مفضلاً عدم استباق الأمور ومناقشة الاحتمالات الأخرى والقرارات التي قد تبنى عليها.

ويعتبر أحمد من بلدة العلاني بإدلب أن افتتاح هذه العيادات خطوة متأخرة كان يجب ان تتم منذ سنوات بعيدة لتجنب العديد من القصص المؤثرة المتعلقة بإصابة أطفال بأمراض وراثية كان من الممكن تفاديها عبر كشف المرض لدى والديه قبل زواجهما مؤكداً ضرورة التزام الشبان بهذا الاختبار وعدم الاستهانة به وتشديد الرقابة على المعنيين به للتقيد بإجرائه.

ويقول محمد خليل ان حبه لخطيبته يخلق لديه ترددا تجاه الاختبار لأنه لن يتركها مهما كانت نتيجته معتبرا أن الارتباط مسألة شخصية تتعلق به وبخطيبته وهو المسؤول عن نتائجه في إشارة إلى إمكانية متابعة العلاج في حال وجد مرضاً يؤثر على سلامة أسرته.

بدوره يجد حافظ سليم الاختبار أمر شكلي لكونه أجرى الفحوص مضطرا بعد عام من زواجه لإتمام تسجيله بشكل رسمي مبينا أنه لم تصدفه أي مشاكل حتى الآن جراء عدم إجراء الاختبار بمرحلة الخطوبة.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق