لوحتان للمصور محمد حاج قاب عن سورية حصدتا الجائزة الكبرى في سويسرا

29 حزيران 2011

في معرض «نظرة واسعة جداً» للتصوير الضوئي في سويسرا

في معرض «نظرة واسعة جداً» للتصوير الضوئي في سويسرا، وضمن مسابقة دولية شارك فيها فنانون من أنحاء العالم، حصدت لوحتا الفنان السوري محمد حاج قاب المرتبة الأولى، في اختتام فعاليات المعرض منذ أيام. وهما لوحتان عملاقتان تتحدثان عن جمال سورية، عُرضتا في متحف المستشفى الوطني في جنيف.

تتحدَّث لوحتا الفنان حاج قاب عن منطقة جيرود التابعة إلى محافظة دمشق، وعن جمال ترابها الأبيض وأشجارها، واقتربت إحداهما من الدخول إلى موسوعة غينيس كأكبر لوحة.

وعن قصة نجاحه في تلك اللوحتين، يقول الفنان حاج قاب، في حديث خاص لـ«بلدنا»: «منذ عام شاركت في بينالي (مهرجان باريس الدولي)، وأعجبوا باللوحتين. وبعد ذلك، شاركت بهما في مسابقة لفنانين من دول العالم. وتمّ اختيار هاتين اللوحتين، حيث ستعرضان لعام كامل في بهو مستشفى جنيف. ومن أهم جوانب اللوحة الفائزة أنها تحمل راحة نفسية للزائر والمريض».

ويضيف حاج قاب: «كانت سعادتي لاتوصف بعد فوز اللوحتين بالجائزة الأولى، حيث تعرضان على مئات الزائرين لمدة عام كامل، لتنيرا قلوب الكثير من المرضى. واللوحتان تعرضان حساً جمالياً عن سورية. وكادت تدخل أعمالي سجل غينيس عن أكبر لوحة، لولا لوحتان من الإمارات فاقتا حجم اللوحتين خاصتي بعشرات السنتيمترات فقط».
لكن حاج قاب (34 سنة) لم يخفِ ألمه أثناء عرض اللوحتين، اللتين يبلغ ارتفاع كل واحدة منهما 3 أمتار، بعرض 16 متراً.. ويعلل ذلك: «حين تمَّ عرض اللوحتين كم كنت أتمنى أن يوجد أيّ شخص أو جهة من بلدي سورية. لكن من أسف، لم يكن أحد من بلدي الحبيب موجوداً في المعرض».

اللافت في اللوحتين الفائزتين أنهما عرضتا تحت عنوان «بلا عنوان». ويبرّر ذلك: «رغم اعتزازي بأني سوري، ولكن، كفنان له رسالة إنسانية، أقول: تجربة البحث عن الذات هي التي قادتني إلى اختيار تسمية اللوحتين «بلا عنوان». فاختيار أيّ مسمى سوف يفقد اللوحتين كثيراً من أهميتهما والمساحات والفضاءات التي تثيرهما في عين المتلقي».
يتبع حاج قاب (خريج الفنون التطبيقية) تقنية البانوراما، لإدخال إحساس أكبر عند المتلقي، ويوضح ذلك: «البانوراما هي فلسفة تصوير، وهي أسلوب فني لا يقوم على اقتناص اللحظة فحسب، بل يلتقط النظرة الواسعة ذات الخصوصية». فاستراتيجية عرضه تعتمد على التنوع، لكنه يدرس فلسفة المكان وثقافته قبل أن يختار طريقة العرض، كما يستقي الروح الجمالية لدى المتلقي، «لكلّ مكان وبيئة ثقافية خصوصية يجب أن أعرفها».

وعن الثقافة البصرية في المجتمع السوري يتحدَّث حاج قاب: «نحن متأخرون كثيراً في موضوع الثقافة البصرية كفنانين سوريين. فالتصوير الفوتوغرافي في فرنسا هو الفنّ رقم واحد. أما في مجتمعنا، فإنَّ نقابة الفنانين لا تعترف به كفن، بل كحرفة. وهذه الرؤية القاصرة لهذا الفن عمرها 60 عاماً، ولم نغيّر مفهومها حتى الآن، رغم أنَّ لوحاتنا تعرض في (غاليري) وليس في الأسواق. وكل العالم يعترف بي كفنان، باستثناء نقابة الفنون الجميلة في بلدي، التي أطمح للانتماء إليها.

ويرى «حاج قاب» أنَّ اعتماد معظم فناني التصوير الضوئي المحليين على خيارات كلاسيكية للصورة، قد أفقر اللوحة العنصر الجديد أوالرؤية الإبداعية. فمعظم اللوحات، كما يقول، تقليدية، تتضمَّن الجوامع والكنائس والقلاع التاريخية، وتفتقر إلى مضامين جديدة، من حيث حركة الناس وأزيائهم الشعبية وتفاصيلهم الإنسانية.

وليس غريباً أنَّ يرى الفنان حاج قاب، ابن مدينة دمشق والذي عاش مع البدو وأهل الجبال وأحبَّ أرض الفرات، الشعر هو الأقرب إلى فنّ التصوير الضوئي؛ يقول: «الشعر هو أفكار توصل صوراً جمالية إلى المتلقي. أمّا اللوحة، فهي صورة فنية جمالية توصل أفكاراً». ويضيف: «منذ طفولتي أحببت كل الفنون. فعندما أقول هذه الكلمة، يجب أن أكون ملمّاً بأكثر من فنّ واحد. الصورة هي التي أثرت بي، فنحن في عصر الصورة، وهي أداة بين العين والعقل والقلب».

ويعاني حاج قاب (صاحب 6 معارض فردية، ومشارك في أكثر من 100 معرض في الداخل والخارج) من الأوضاع «المتردية» لنادي التصوير الضوئي الذي كان ينتمي إليه؛ يقول: «سررت بدخول نادي التصوير الضوئي، ولكن الكثير من أعضائه انتسبوا إليه من أجل الشهرة، أو للحصول على (شهادة). و ذلك على حساب تقديم الفن والإبداع. وإذا انتقدت عملاً ما، فإنني سأتعرّض حتماً للفصل من النادي.

يبحث الفنان الدمشقي عن هوية خاصة لفنّ التصوير الفوتوغرافي في عالمنا العربي، ويبحث عن تشكيل «ما وراء الفكر» الذي تحمله الصورة. ويقول في ذلك: «لكلّ دولة بصمتها التي تميّزها في هذا الفن. فاليابانيون يتعاملون مع الفوتوغراف بروح شفافة، في حين نرى الفرنسيين يتعاملون مع فكرة تربط اللوحات ببعضها، لتصل إلى الفكرة العامة، وتقوم على بناء متكامل للوحة».‏ وتتحدّث لوحات حاج قاب، في معرضه في خان أسعد باشا بدمشق، عن الجغرافيا البشرية للقبائل العربية، والتي التقطها في رحلة من دمشق إلى اليمن.

استطاع حاج قاب، من خلال انتمائه إلى فريق «جوالة الأرض»، أن يلتقط، خلال أسفاره، صوراً مثيرة ومدهشة عن أناس عاديين من مختلف البيئات والثقافات التي يمرّ بأرضها. ويقول عن فريق «جوالة الأرض»: «هو عبارة عن مجموعة من الشباب، تحاول أن تقدّم شيئاً نافعاً للبلد، تحت شعار «اعرف جغرافية وطنك»، ولها مجموعة من الأنشطة لها علاقة بالجغرافية الطبيعية والبشرية، وتقوم بتسليط الضوء على أشخاص غير معروفين إعلامياً».

من مواليد دمشق 1977، درس الفنون التطبيقية والتصوير الفوتوغرافي في مركز الفنون التطبيقية، وهو مدرس سابق لمادة الزخرفة في مركز الفنون التطبيقية، ويدرس الآن مادة التصوير الفوتوغرافي في معهد الثقافة الشعبية في دمشق. ‏
وهو عضو في الاتحاد الدولي للتصوير الفوتوغرافي «فياب»، وفي الجمعية الجغرافية السورية، ورئيس فريق «جوالة الأرض». ‏‏


بلدنا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

زينب:

كنت طالبة عند الأستاذ حاج قاب في ما مضى وأنا أشهد بأنه فنان بالفطرة، ولا عجب أن يحصل على المركز الأول، ألف مبروك.

مصر القاهرة