عابد عازرية يغني جلجامش وعمر الخيام في دار الأسد للثقافة والفنون
02 آذار 2011
قدم المغني السوري عابد عازرية في دار الأسد للثقافة والفنون حفلة موسيقية رافقه فيها بعض من الموسيقيين السوريين وهم: خالد الجرماني:عود، توفيق ميرخان: قانون، محمد فتيان: ناي، ربيع عازر: فيولا، بشار شريفة: تشيللو، باسم جابر: كونتر باص، فراس حسن ومهند الجرماني:إيقاع، وذلك يوم الثلاثاء 1آذار 2011.
بدأ عازرية من عمق التاريخ والملحمة التي تجسد حضارة منطقتنا ملحمة جلجامش وغنى منها:
يرى كل شيء يرى تخوم الدنيا
حكيم عليم، يعرف كل شيء
يخترق حالك الظلام بثاقب نظره، يدرك الأسرار
يعرف ما يخفي على الناس جاء بأخبار الأولين
بأخبار ما قبل الطوفان.....
هذه الملحمة تروي لنا الأدبية الأكثر شهرة في بلاد الرافدين، قصة صداقة بين جلجامش وأنكيدو، تولد من خلال المنافسة وتقوي في المخاطر لتنفصل بألم كبير بموت أنكيدو، وفي قلب جلجامش الذي ينجو من الموت يتجول الخوف إلى قلق مضن عندما يعي فجأة هباء الحياة، دون جدوى سوف يبحث يائساً عن سر الخلود حتى يحين اليوم الذي يعود فيه من أسفاره الطويلة ويجد أخيراً الهدوء والحكمة.
هذه الأسطورة ترجمت إلى لغات عديدة وأثارها العديد من الفلاسفة، ولكن عازرية نثرها في العالم بصوته وموسيقاه التي تحتوى لحن رائع وتوزيع محبوك.
والمحطة الثانية في الحفل كان من نصيب شخصية صوفية نموذجية وهو الحلاج الذي صلب وحرق بعد محاكمة صاخبة بغداد في عام 858م، غنى له عابد عازرية قصيدة بعنوان «أنا من أهوى» مطلعها: أنا من أهوى ومن أهوى أنا ، ليس في المرآة شيء غيرنا، قد سهى المنشد إذ أنشده، نحن روحان حللنا بدنا....، كما غنى له في هذه السهرة قصيدته المشهورة «يا نسيم الريح».
ولم ينسى فناننا الشاعر الذي عرف بمجنون ليلى قيس بن الملوح، حيث قدم له قصيدته الذائعة الصيت مجنون ليلى، وللشاعر الفارسي عمر الخيام أدى قصيدة كيماء كما قدم له قصيدة أخرى بعنوان ياحبيبي، أما لأبن العربي ذلك المفكر المتصوف الإسلامي قدم قصيدته صار قلبي، ومن الشعر المعاصر قدم عازرية غريب في مدينة بعيدة للشاعر الكبير الراحل محمود درويش، ومن ثم ذهب إلى الشاعر السوري الكفيف أبو العلاء المعري ليغني من أشعاره القلب كالماء، بعدها قدم قصيدة بعنوان زهرة الكيماء لشاعر الإشكالي الكبير أدونيس، ومن ثم قصيدة جميلة بعنوان ياغزال مطلعها: سرّني ياغزال بأنني لك عبد، حبذا ياهلال لو نالني منك سعد، كيف يرجى الوصال ولحظ عينيك يعدو...لشاعر أندلسي مجهول من القرن11.
وأنهى عازرية حفله بأغنية من كلماته بعنوان يا أمرأة يقول في بدايدتها: أنت الخليقة الأولى والمعرفة الأزلية، أنت المياه الصافية والرغبة الأولية، النار التي لا تنطفئ أنت الرعشة البدائية، أنت السر الحنون يا امرأة....
وفي نهاية الحفل التقى «اكتشف سورية» بالموسيقي عابد عازرية حيث بدأ الحديث قائلاً: «سألني مرة صحفي فرنسي عن الفرق بين غنائي وغناء أم كلثوم، فأجبته أن أم كلثوم مغنية قديرة جداً، لكن هناك فرق بيننا أولاً هي مغنية وأنا مغنٍ و ملحن، بالإضافة إلى أنني أقرأ وهي لم تفعل ذلك، وأنا أهتم بالرسم والشعر والمسرح، هذه الفنون، التي تملأ العالم الداخلي للمرء، وتفتح له آفاقاً عديدة».
وتابع قائلاً: «ليس الاستماع للموسيقى العربية فقط يصنع الموسيقي بل موسيقى الشعوب، البرازيلية واليابانية مرورا بالكلاسيك من الموشحات و الفواصل والسماعيات والبشارف».
وأضاف: «المشكلة أن موسيقيي هذا العصر بشكل عام لا يهتمون بالثقافة وهذه ظاهرة لا أدري سببها، وأنا مختلف لأني منذ طفولتي كنت أحب المطالعة والشعر ومع الوقت بدأت أهتم بالدراسات والنقد والفلسفة خصوصاً، وهذا الإطلاع يخلق عالما داخلياً مختلفاً، بينما محدودية الأفق لدى الموسيقي تجعل خياراته محصورة ومكررة وتدور في حلقة واحدة».
وعن تكريمه من قبل وزارة المغتربين قائلاً: «أنا سعيد بهذا التكريم، يحث المرء في هذه المواقف بأن تعبه لم يذهب هباءً، وما أجمل أن يكرم الفنان في البلد الذي ولد فيه وعاش طفولته في أزقته وحواريه، أكرر سعادتي وشكري لكل من ساهم على هذا التكريم».
وأنهى حديثه قائلاً: «حقيقة أنا سعيد جداً بالموسيقيين الشباب الذين عملوا معي في هذه الحفلة، واندهشت بمستواهم الفني، لديهم سرعة الاستيعاب ويعطون جملاً موسيقية نظيفة، ولا أستطيع إلا أن أشكرهم كل الشكر على هذا التعاون وأتمنى أن يكون كل الموسيقيين السوريين بهذا المستوى الرفيع».
إدريس مراد - دمشق
اكتشف سورية
من حفلة الموسيقي عابد عازرية في دار الأسد |
من حفلة الموسيقي عابد عازرية في دار الأسد |
من حفلة الموسيقي عابد عازرية في دار الأسد |