الملحق الثقافي لجريدة البيان الإماراتية يجري لقاءً مع التشكيلي السوري طلال معلا

08 شباط 2011

نشرت جريدة البيان الإماراتية الصادرة في دبي في ملحقها الثقافي الأسبوعي «مسار» بتاريخ 6 شباط 2011 لقاءً مع التشكيلي السوري طلال معلا جاء فيه: «مراجعة النقد التشكيلي في الجانب المتصل بما هو مؤثر في حياتنا الثقافية والإبداعية، عبر تحليل المبصرات، يجعلها مرتبطة بالحاضر». قول للفنان والناقد التشكيلي والشاعر طلال معلا، الذي عاد أخيراً إلى وطنه سورية، بعد مسيرة ‬20 عاماً حافلة بالعطاء والإبداع والإنجاز على أرض الإمارات.

ينتمي طلال معلا الفنان والشاعر والناقد السوري إلى الجيل الذي تشبعت روحه وعقله بالفكر القومي، ليواجه نكسات وطنية متتابعة لم تترك أية فسحة للتفاؤل أو الأمل. ومع ذلك تمسك معلا بالأمل وتابع مسيرته الفنية، ليغترب عن وطنه مدة ‬30 عاماً، وليحقق جانباً من أحلامه في إطار الإنجازات الثقافية والفنية في إمارة الشارقة بصورة خاصة، وفي مضمون النقد التشكيلي والشعر بصورة عامة. وقد أصدر خلال مسيرته ‬12 مؤلفاً في النقد الفني والثقافة البصرية. كما اقتنيت أعماله من قبل عدد من المتاحف والهيئات.

وللتعرف على تفاصيل وثمار مسيرته الفنية في الإمارات، التقت «مسارات» بمعلا قبل أن يشد الرحال إلى وطنه، بعد أن ترك تعب السنين أثره على صحته، عبر أزمات متتالية كانت آخرها، إصابته بجلطة دموية في العين، وذلك بعد تقديمه استقالته من عمله كمدير للمركز العربي للفنون، ومشرف لمعهد الشارقة للفنون.

ثقافة الخليج
تحدث طلال في البداية عن الظروف التي هيأت لخروجه من سورية: «لعبت المصادفة دورها في قدومي إلى الإمارات، حيث توفرت لزوجتي فرصة عمل في تخصصها، وعليه قدمت من إيطاليا حيث كنت أدرس النقد الفني المعاصر، إلى الإمارات. وعلى الرغم من الانتقادات التي كان يتداولها المثقفون بشأن ثقافة الخليج، إلا أنني وجدت مشروعي العربي والقومي الذي كنا نحلم به في الشارقة، خاصة مع الدعم النوعي لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للقضايا العربية، والوقوف إلى جانب الدول العربية».

وتبني العديد من المشاريع والمبادرات الثقافية، والتي تبلورت في حوار مفتوح بين ثقافات الشرق والغرب، وهو الحوار الذي سارت على نهجه ابنته الشيخة حور لتشكل منتجاً مثمراً للثقافة. ويقول معلا بالعودة إلى بداية محطته في الشارقة : «التحقت بعد قدومي إلى الإمارات، بدائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة، لنبدأ من خلال جهود فريق العمل الذي لم يكن يتجاوز عدده أصابع اليد الواحدة، إقامة العديد من الأنشطة الثقافية المحلية والخارجية، من ضمنها المعارض التشكيلية. وكانت المعارض التي ننظمها في الغرب تمثل مجموعة من الفنانين العرب، أي كنا نأخذ الفن العربي ونحكي باسمه في المحافل والمناسبات الثقافية، سواء في اسبانيا أو فرنسا وفنلندا. ومن الانجازات التي شاركت في تحقيقها ، والذي انطلق عام ‬1993، إلى جانب ملتقى الشارقة لفن الخط العربي، ومعارض المرئي والمسموع، والحروفيات. ولاحقاً الفنون البصرية الحديثة».

وأضاف معلا: «وفي عام ‬1996، أسسنا المركز العربي للفنون الذي يعنى بإصدار المطبوعات الفنية وأوراق الندوات والملتقيات وتوثيقها، التي أصبحت مرجعاً للباحثين والأكاديميين، كما تم قبل ثلاث سنوات انطلاق مسابقة النقد التشكيلي العربي. ولتلك المسابقة دور ريادي في الارتقاء بمهام النقد الفني على صعيد جماليات الفن التشكيلي والعمارة والظروف المعاصرة، وتفعيل الحركة بصورة إيجابية لتواكب حركات الفن الحديثة والمعاصرة، ولا ننسى في هذا الإطار الدراسات الخاصة بالفن الفطري، ومعاناته من الأكاديميات العربية. علما أن مثل هذه الندوات تسهم في جمع شمل النقاد المتفرقين في أطراف الوطن العربي، وإثراء الحوار في ما بينهم».

وبعد لحظات من الصمت، وابتسامة مريرة، تابع الفنان السوري: «لو أن كل الأمكنة العربية، كان لها مشروعها الثقافي، لكان شأن الثقافة والفن في الوطن العربي متقدماً بأزمنة ضوئية عن ما هو عليه الحال الآن».

البدايات
«قدمت أول معرض تشكيلي لي في الرقة بسورية، عام ‬1975، واستطعت مع زملائي تجاوز العديد من التحديات، من ضمنها حق انتساب الفنانين غير الأكاديميين إلى نقابة الفنون الجميلة. وخلال الانهماك في انجاز العديد من المشروعات الثقافية، نسيت نفسي إلى حين، لأستدرك في السنوات الأخيرة ما فاتني لأعود بحماس وشغف. ومحور أعمالي هو الإنسان، خاصة وأني أنتمي إلى حضارة تشخيصية بصرية، وأحاول من خلال الأجساد والوجوه التي أرسمها، كما في معرضي الأخير مع جماعة الجدار في شهر كانون الأول ‬2010 وقبله شهر شباط الماضي بدمشق، الإفصاح عن ما لا يمكن قوله».

وعن دلالات العروس الحاضرة في العديد من معارضه، قال معلا: «ترمز العروس من منظوري، إلى المنطقة الحاسمة بين مفصلين في حياة الإنسان، فالعروس تكون على أعتاب عالم جديد يتقرر فيه مصيرها ومصير العائلة التي ستكونها. وفي العروس رمزية مكثفة».
وأما بشأن الدوافع الخاصة التي دفعته إلى اتخاذ قرار العودة الى الوطن سورية: «شعرت في السنوات الأخيرة بحنين شديد لسورية، خاصةً بعد رحلة اغتراب دامت ‬30 عاماً، قضيتها بين ليبيا وإيطاليا والإمارات، ومعها سأخوض محاولة مجهدة للم شتات الأسرة، فابني يعمل في تركيا، وابنتي تدرس في إيطاليا. وأنا أدرك حجم الصعوبات التي سأواجهها بعد عودتي إلى مجتمع غبت عنه فترة طويلة، لكن قابلية التكيف والتفاؤل، كفيلان بتجاوز المرحلة الأولى».

المستقبل
وفي خصوص طبيعة خطط مشروعاته المستقبلية، قال الفنان والشاعر معلا: «أنا عائد إلى مكاني الطبيعي، وسأتابع مشروعي الثقافي في دمشق، كمنظر وناقد تشكيلي إلى جانب عملي على عدد من الكتب الخاصة بسيرة مجموعة من رواد الفن السوري، مثل كتابي عن الفنان فاتح المدرس، والكتاب الذي سيصدر حديثاً عن الفنان نذير نبعة. ويتضمن مشروع كتب السير الفنية هذا تحليل ودراسات لأعمال الفنانين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ الفن السوري».


رشا المالح

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق