دمشق في عهد السلاجقة والأتابكة

عادت السيادة على دمشق لخلافة بغداد العباسية على أيدي قادة من الأتراك عرفوا باسم السّلاجقة، كان الحكم الفعلي بأيديهم كما وصل الحكم عن طريقهم إلى بعض الأتابكة (وكان الأتابك هو الوصي أو المربي للأمراء من أبناء السّلاجقة) وكان الأتابكة يُعلنون ولاءً إسمياً لخلفاء بغداد، بينما يحكمون دمشق حكماً مستقلاً من الناحية الفعلية.


تحمّل أتابكة دمشق مسؤولية الدّفاع ضد الغزاة الصليبيين الذين كانوا قد نجحوا باحتلال السّاحل السّوري ومعظم مناطق فلسطين، وكانت علاقات أتابكة دمشق مع الصّليبيين بين حالة حرب وحالة هدنة، وقد وصلت أعمال القتل والتّخريب والدّمار على أيدي الصليبيين إلى جوار دمشق وضواحيها في بعض الفترات.


ونجحت دمشق بالصّمود ضد هؤلاء الغزاة، ونجت من الوقوع بأيديهم رغم محاولاتهم التي وصلوا في أوّلها إلى مسافة بضعة كيلومترات جنوب دمشق.وتكرّرت محاولة الصليبيين في حملتهم الثانية، وتعرّضت دمشق لحصارهم سنة 543هـ/1149م حيث شارك في حصارها ملك الألمان (كونراد الثالث) وملك فرنسا (لويس السابع)، وعسكرت قواتهم في منطقة داريّا وقرب منطقة المزة. وقاومت دمشق ببسالة بفضل أتابكها مُعين الدين أُنُر الذي استعمل وسائل الحرب والسياسة حتى أنقذ دمشق من دخول الصليبيين.


خرجت دمشق من محنتها رافعة الرأس عزيزة الجانب، وازداد تطلّع أبنائها إلى بطل تلك الفترة الذي انتشرت أخبار عدله وبطولاته وإخلاصه: نور الدّين محمود ابن زنكي، الذي دخل دمشق عام 549هـ/1154م، مُنهياً حكم البوريين ومصمّماً على توحيد المشرق الإسلامي لطرد الغزاة الصليبيين. ونجح البطل نور الدّين بمدّ نفوذه إلى مصر عبر أحد قادته أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، لإنقاذ مصر من الخطر الصليبي الذي كان يتهدّدها.


وانتهت محاولة نور الدّين بقتل الوزير الخائن (شاور) المتعاون مع الصليبيين على يد قائده أسد الدين، وذلك عام 564هـ/1168م. وأعقب ذلك وفاة الخليفة الفاطمي العاضد سنة 567هـ/1171م، فانتهت بموته فترة الحكم الفاطمي، وغدت مصر والشام دولة واحدة، وارتفعت مكانة دمشق التي غدت المركز الأول للنشاط السياسي والعسكري في المشرق العربي.


دمشق في العهد الأيوبي
 

مواضيع ذات صلة: